ما بين الشجرة والغابة
كل تعريفات الليبرالية التي جاهدت للحصول عليها تقوم على مفهوم الحرية والمساواة، لذا من الصعب أن أفهم الحملة المضادة من بعض مدعي الليبرالية على كل من طالب بإزالة شجرة الكريسمس من أحد المجمعات التجارية، فهذا شأنهم ويبقى أن هناك من يستسلم لمطالبتهم ورغباتهم على الصعيدين الحكومي والخاص لأسباب لا يعرفها إلا الراسخون في العلم!مشكلتي مع بعضهم خصوصاً رجال الدين منهم، أنهم يتكلمون عن شجرة يعتقدون أنها تضر الدين ويسكتون عن غابة في مكان آخر!أسأل هؤلاء:
لماذا يسكتون عن السرقات وما أكثرها وأزعم أن ما كشف منها ليس إلا رأس جبل الجليد، وأن ما أسفل هذا الجبل خطير وكثير؟ ولماذا لا يتحدثون عن غسل الأموال، الذي اكتشفنا بعد سنوات وسنوات أن فيه نقصاً تشريعياً يجعل كل القضايا التي تقام على من يشتبه في غسلهم للأموال تحفظ؟ أليس هذا أمراً يحتم ديننا علينا أن نقف ضده؟ وما هذا الظلم في الترقيات والشهادات المزورة التي حصل بعضكم عليها؟ وهل هي حلال؟ وماذا عن سوء الإدارة وتردي الخدمات العامة والمراجعات الحكومية التي لا تنتهي بسبب كتابنا وكتابكم؟ ولماذا لا تتحدثون عنها؟يفترض برجال الدين أن ينهضوا للدفاع عن كل مظلوم، فهل تحدثتم عن قضية عشرات الآلاف من البدون التي تمنع بعض نسائهم من الزواج بحجة عدم تجديد البطاقة الأمنية؟ وهل من الإسلام منع أي بنت من الزواج وتحت أي حجة؟ سرقت امرأة من بني مخزوم فحاول بعض الصحابة انتداب الصحابي أسامة بن زيد للشفاعة عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فعندما فاتح أسامة الرسول، غضب عليه الصلاة والسلام واعتلى المنبر، وقال: "إنما أهلك الذين كانوا من قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإن سرق الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها". أكرر احترامي وتفهمي لمطالبتكم بإزالة الشجرة، وأستنكر صمتكم عن الغابة في المكان الآخر، والمصيبة أن مسماكم رجال دين، أو هكذا يعتقد بعض الناس.فهل وصلت الرسالة؟ آمل ذلك.