لبنان: الطبقة السياسية تبحث عن تسوية خارج التوجه الدولي
في زيارته للبنان، حمل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ثلاثة عناوين أساسية؛ الأول التركيز على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد، والثاني سعي القوى السياسية، مع فئات الشعب والمجتمع المدني، للذهاب إلى عقد اجتماعي جديد يخرج لبنان من أزمته، والثالث الاهتمام بوضع الجنوب والحفاظ على استقراره، إضافة إلى التشديد على وجوب إنجاز ملف ترسيم الحدود. وعلى وقع هذه العناوين الدولية الواضحة، لاتزال القوى السياسية اللبنانية غارقة في البحث عن تسويات وصفقات تطيح المطالب الجوهرية للشعب والمدعومة دولياً، وما هو مطروح في كواليسها يناقض بشكل كامل ما يطرحه المجتمع الدولي. وأي صفقة تبحث عنها هذه القوى سيكون هدفها الالتفاف على التحقيقات الجارية في تفجير مرفأ بيروت، في مقابل مكاسب سياسية وقضائية وانتخابية تبحث عنها القوى المختلفة.
وتسارعت في الساعات الماضية وتيرة البحث عن صيغة لإنجاز تسوية الصفقة، التي يمكن اختصارها بتطويق تحقيقات القاضي طارق البيطار مع الرؤساء والنواب والوزراء، وإحالة صلاحيتها إلى المجلس النيابي، في مقابل قبول الطعن المقدم من فريق رئيس الجمهورية ميشال عون على قانون الانتخابات، وتأجيل موعدها من مارس إلى مايو، إضافة إلى حرمان المغتربين من التصويت لكامل الأعضاء، مع تخصيص 6 مقاعد لهم. وبحال حصل ذلك فسيكون مقدمة لإطاحة الانتخابات وتأجيلها، لأنه لا جاهزية لوجستية لإنجاز التحضيرات لانتخاب 6 نواب من الخارج، في ظل الخلاف المستمر على كيفية اختيارهم وتوزيعهم طائفياً على القارات.ولن تكون الانتخابات الثمن الوحيد لهذه الصفقة، بل لها المزيد من الإضافات؛ أبرزها إجراء تعيينات جديدة في السلك القضائي، عبر إطاحة رئيس مجلس القضاء الأعلى، والمدعي العام للتمييز والمدعي العام المالي، بالإضافة إلى البحث عن صفقة أخرى تتعلق بإجراء تعيينات في المراكز الأمنية الأساسية. وهذا ما يسعى إليه عون للتخلص من كل خصومه في مواقع أساسية، ولا يقف طموحه وطموح صهره رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل عند هذا الحد، بل يريدان الإمساك بالمزيد من الأوراق التي تجعلهما الطرف الأكثر تقريراً لمصير الانتخابات الرئاسية، في ظل إخفاق عون حتى الآن في الحصول على موقف واضح من «حزب الله» بدعم باسيل بديلاً عنه.