لغتنا الجميلة
![د. محمد أمين الميداني](https://www.aljarida.com/uploads/authors/368_1682431813.jpg)
كنت أتابع هذا البرنامج بكل اهتمام وكلما استطعت لأنه كان برنامجا يوميا، وتعلمت منه، واكتشفت درر اللغة العربية، وصدفاتها، وأصدافها، وترافق استماعي لهذا البرنامج، استماعي لبرنامج مصري آخر بدأ بثه عام 1971 وكان باسم (زيارة لمكتبة فلان) الذي كانت تقدمه الصحافية المصرية (نادية صالح)، حيث كان يدور الحديث بين جدران مكتبة واحد من المفكرين، أو الأدباء، أو الصحافيين، أو الفنانين من مختلف البلدان العربية، وكان مفيداً أن نعرف ماذا كان يقرأ هؤلاء الأعلام، وما عناوين الكتب التي كانت تزين رفوف مكتباتهم، وكانت فكرة جيدة صدور كتاب عام 1998 عن دار أخبار اليوم بالقاهرة يجمع أهم حوارات هذا البرنامج. ولا يمكن الحديث عن اللغة العربية دون أن نذكر دور مجامع اللغة العربية في تعزيز هذه اللغة وتطويرها والسعي لأن تواكب آخر التطورات اللغوية، والاختراعات العلمية، والاكتشافات في مختلف الميادين.ونشير بهذه المناسبة إلى صدور "المعجم التاريخي للغة العربية" تحت إدارة مجمع اللغة العربية في إمارة الشارقة بالإمارات العربية المتحدة، فقد تم إطلاق الأجزاء الـ17 الأولى من هذا المعجم والذي يؤرخ للمرة الأولى لمفردات اللغة العربية، حيث تغطي مجلدات المعجم الأولى الأحرف الخمسة الأولى للعربية: الهمزة، والباء، والتاء، والثاء، والجيم، ونرجو أن يستمر العمل لصدور بقية الأجزاء مما سيشكل ثروة ثقافية وتعليمية وتاريخية مهمة، وقد أسهمت مجامع اللغة العربية في مختلف البلدان العربية في هذا المشروع الضخم، ولعلي أذكّر القارئ الكريم بأن أقدم هذه المجامع هو مجمع اللغة العربية بدمشق والذي أسس عام 1919.يجب ألا يغيب عن أذهاننا ونحن نسعى إلى تعزيز اللغة العربية بالتذكير بالدور المهم الذي تضطلع به كل من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) ومقرها تونس العاصمة والتابعة لجامعة الدول العربية، ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) ومقرها العاصمة المغربية الرباط، والتابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، فيقع على عاتق كل من هاتين المنظمتين مسؤوليات مختلفة للنهوض أيضا بواقع اللغة العربية في العالمين العربي والإسلامي، من خلال نشر البحوث والدراسات والترجمات وإصدار المطبوعات التي تسهل تعلم هذه اللغة والتعريف بقواعدها، وتساعد في انتشارها. ونحن نسعى إلى تعزيز اللغة العربية وندعو إلى انتشارها واستخدامها في كل المحافل والمناسبات، يبقى لوسائل الاتصال السمعي والبصري في كل دولة عربية، دور أساس وحيوي في هذا المجال، ولعل مما سيساعد في تعزيز هذه اللغة هو العودة إلى بث برامج إذاعية وتلفزيونية على شاكلة (لغتنا الجميلة)، واستضافة أدباء وشعراء وعشاق هذه اللغة ليس من البلدان العربية فقط، ولكن أيضا من بلدان أخرى في مختلف قارات العالم، ففيها العديد ممن يتعلم هذه اللغة ويعشقها. ولا يمكن أن نتحدث عن العربية دون ذكر معهد العالم العربي في باريس الذي افتتحه عام 1987 الرئيس الفرنسي السابق (فرانسوا ميتران)، وتعليم اللغة العربية لمختلف الأعمار وحسب المتطلبات، هو من أحد النشاطات الرئيسة لهذا المعهد، ونلاحظ اهتماما واضحا من العديد من الفرنسيين والأوروبيين أيضا بتعلم هذه اللغة في مختلف صفوف المعهد والذي يمنح: شهادة الكفاءة الدولية في اللغة العربية.وأود أن أختم بأبيات لشاعر النيلين حافظ إبراهيم طالما ترددت على ألسنة عشاق اللغة العربية: وسعْتَ كتاب الله لفظاً وغــايــةًوما ضقْتَ عن آيٍ به وعظاتفكيف أضيق اليوم عن وصف آلةوتنسيق أسماءٍ لـمخـتـرعــاتأنا البحر في أحشائه الدر كامنفهل سألوا الغواص عن صدفاتي* أكاديمي وكاتب سوري مقيم بفرنسا.