تعهّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، باتخاذ تدابير عسكرية - تقنية انتقامية مناسبة إذا لم يضع خصومه الغربيون حداً لسياستهم العدوانية على خلفية التوتر المتزايد حول أوكرانيا، متهماً الولايات المتحدة بأنها سبب تفاقم التوترات في أوروبا.

وقال بوتين، خلال اجتماع هيئة وزارة الدفاع بمراسم تسليم الغواصتين النوويتين «كنياز أوليغ» و«نوفوسيبيرسك» للبحرية، «لا نطلب لأنفسنا أي ظروف استثنائية، وندعو إلى ضمان أمن متساو وغير منقسم في كل الفضاء الأوراسي، وبالطبع؛ في حال استمرار النهج العدواني السافر من قبل زملائنا الغربيين سنردّ عليه باتخاذ إجراءات مناسبة في المجال العسكري التقني، وسنرد بشكل صارم على أي خطوات غير ودية ضدنا، وأود أن أشدد على أن الحق معنا في ذلك كلياً».

Ad

وأضاف بوتين، الذي طالب بسحب حلف الناتو إلى مواقع يتمركز فيها منذ عام 1997، وذلك قبل أن يتوسع ليضم دولا سوفياتية سابقة في شرق أوروبا، خصوصاً أوكرانيا ضمن اتفاقيات أمنية جديدة مقترحة، أن من حقه أن يتخذ «الخطوات الضرورية لضمان أمن روسيا وسيادتها».

وإذ أعرب بوتين لقيادته العسكرية عن قلقه للغاية من وجود قوات «الناتو» بالقرب من الحدود وعدم سماحه بنشر صواريخ في أوكرانيا، من شأنها أن تكون بعيدة بضع دقائق عن موسكو، تحدث وزير الدفاع سيرغي شويغو عن تكثيف الوجود العسكري الأميركي على الحدود الروسية، واستضافة بلدان أوروبا الشرقية وحدات يبلغ مجموع قواتها نحو 8 آلاف جندي على أساس التناوب.

وقال شويغو، خلال الاجتماع الموسع لقيادة وزارة الدفاع، إنه تم التأكد من وجود أكثر من 120 عنصراً من الشركات العسكرية الخاصة الأميركية في بلدتي أفدييفكا وبريزوفسكويه بمقاطعة دونيتسك الأوكرانية، محذراً من أنها تحضر لاستفزازات باستخدام مواد كيميائية في منطقة النزاع بدونباس، وجهزت مواقع إطلاق النار في المباني السكنية والمرافق العامة ذات الأهمية اجتماعياً، كما أنها تدرب قوات العمليات الخاصة الأوكرانية والجماعات المسلحة المتطرفة على تنفيذ أعمال قتالية نشيطة.

وأكد شويغو أنه يجري في بولندا إنشاء بنية تحتية لاستيعاب لواء مدرع أميركي، إضافة إلى نظام Aegis Ashore المضاد للصواريخ، الذي شارف إنشاؤه في الأراضي البولندية على الانتهاء.

مقترحات بوتين

ومع بدء رئيس الوفد الروسي كونستانتين غافريلوف محادثات مع الجانب الأميركي في فيينا حول مقترحات بوتين للأمن العسكري، نشرت وزارة الدفاع الروسية، أمس، فيديو لإطلاق صاروخ «كاليبر» المجنح من غواصة «بيتروبافلوفسك - كامتشاتسكي» العاملة بالديزل والكهرباء في بحر اليابان، مؤكدة أنه أصاب هدفه الأرضي بنجاح من مسافة تبعد أكثر من ألف كيلومتر في إقليم خاباروفسك بالشرق الأقصى.

وقبيل مشاركة بوتين باجتماع القيادة استمع خلاله لعرض عن الأوضاع العسكرية وإستراتيجية الجيش للعام المقبل، ذكر أسطوله بمنطقة الحيط الهادي أن التدريبات شملت أيضاً تحركات سرية ودعماً من سفن حربية وطائرات مقاتلة وطائرات مسيّرة بمنطقة جزر الكوريل الجنوبية، التي تسيطر عليها روسيا في بحر أوختسك، وتطالب اليابان بالسيادة عليها تشير إليها بوصف الأراضي الشمالية في نزاع إقليمي يعود إلى الحرب العالمية الثانية.

وقال المفاوض غافريلوف إن روسيا لم تقرر حتى الآن الخطوات التي ستتخذها إذا رفض الحلف بقيادة واشنطن التوسع على حدودها أو نشر قوات أو أسلحة، ومنع كييف من الانضمام إليه، مؤكداً أن الغرب يدرك أنها تأخذ الأمر على محمل الجد، وأن التوصل إلى تفاهم بهذا الشأن أمر ممكن.

وشدد غافريلوف، على أنه ليس من الممكن ممارسة ضغط على موسكو، وأنه يجب اتخاذ إجراءات سياسية، إذ لا بديل عن ذلك سوى رد عسكري روسي.

وفي وقت سابق، أبلغ مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، مستشار السياسة الخارجية للرئاسة الروسية، يوري أوشاكوف، الاستعداد للانخراط في الدبلوماسية، لكن بمشاركة الحلفاء الأوروبيين.

لكن صحيفة فاينانشيال تايمز، نقلت عن مصدر أن أعضاء الحلف لم يتوصلوا إلى توافق حول المحادثات مع روسيا بخصوص الضمانات الأمنية وشكلها، مبينة أن الغرب «تجنب الرفض المباشر ويحاول إيجاد مجالات التوافق المتبادل وتهدئة الوضع».

الهند تنشر S400 في البنجاب وباكستان ترد بصاروخ بالستي
نشرت الهند، أمس الأول، أول بطارية من منظومات الدفاع الجوية الصاروخية الروسية S400 في ولاية البنجاب الغربية المتاخمة لباكستان.

ووفق وكالة «آي» للأنباء، فإن منظومات الدفاع الجوي الصاروخية الروسية، قادرة على صد التهديدات الجوية من جانب باكستان والصين. وخلال زيارة الرئيس فلاديمير بوتين إلى الهند في أكتوبر عام 2018، تم توقيع عقد حول توريد 5 منظومات S400 بقيمة 5.43 مليارات دولار، في صفقة أثارت استياء واشنطن، وهددت بفرض عقوبات بموجب قانون «كاتسا» لمواجهة أعدائها.

وبعد يوم من نشر الهند منظومة S400 قرب الحدود، أعلن الجيش الباكستاني، في بيان، أمس، عن تجربة صاروخ بالستي من طراز «بابر 1. بي» قادر على حمل رؤوس نووية.

وأوضح أن «الصاروخ قادر على توجيه ضربات سريعة لأهداف العدو، وله القدرة على حمل رؤوس نووية وقدرات متطورة للمراوغة».

زيلينسكي و«الناتو»

في هذه الأثناء، شدد رئيس أوكرانيا، فلاديمير زيلينسكي، أمس، على أنه يريد التوصل إلى تفاهم حول مواعيد محددة للانضمام إلى حلف الناتو عام 2022، إضافة إلى إعادة إطلاق عملية السلام في دونباس.

وقال زيلينسكي للسفراء الأوكرانيين بمنطقة إيفانو فرانكيفسك: «نريد إعادة فتح عملية السلام في دونباس بأقرب وقت ممكن، وإعادة شبه جزيرة القرم، والحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي في السنوات المقبلة، والحصول على أفق زمني واضح جدا من الناتو، محدد للغاية، ونريد الحصول عليه في 2022».

بدورهم، كتب وزراء دفاع دول الشمال الأوروبي، فنلندا والسويد والنرويج والدنمارك وأيسلندا، في بيان مشترك نشر أمس، أنهم يتابعون أحدث التطورات في أوكرانيا وما حولها بقلق بالغ.

وجاء في البيان، الذي نشرته وزارة الدفاع الفنلندية، أن «النشاط العسكري الروسي في الآونة الأخيرة، ولا سيما التعزيز العسكري الاستثنائي على طول الحدود الأوكرانية، هو تطور مثير للقلق، والذي يحتمل أن يكون له تأثير يزعزع استقرار بيئتنا الأمنية المشتركة».

وقال الوزراء إن دول الشمال الأوروبي مستمرة في دعم وحدة الأراضي الأوكرانية وسيادة أوكرانيا، وحقها في تحديد مسار سياستها الخارجية والأمنية من دون تدخل خارجي.

الصين مستعدة لحوار نووي وترفض نشر أميركا الصواريخ في آسيا وأوروبا

أعلنت الصين استعدادها لبحث ومناقشة مجموعة واسعة من القضايا المتعلقة بالاستقرار الاستراتيجي في إطار الحوار بين الدول النووية الخمس، ورفضت بشدة نشر الولايات المتحدة صواريخ أرضية متوسطة المدى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا.

وأكدت وزارة الخارجية الصينية الالتزام بمبدأ عدم المبادرة باستخدام الأسلحة النووية، مشيرة إلى أنها «عبّرت مرات عديدة عن موقفها من قضية نشر الصواريخ المتوسطة المدى بأي شكل من الأشكال».

وقالت «الخارجية»، ردا على سؤال عما إذا كانت بحاجة إلى اتفاقية مع الولايات المتحدة على غرار ما عرضته موسكو على واشنطن وحلف شمال الأطلسي: الصين ملتزمة بالطبيعة الدفاعية لسياسة الدفاع الوطني، وملتزمة بسياسة عدم المبادرة باستخدام الأسلحة النووية، ولم تنشر الصين أبدًا أسلحة نووية خارج أراضيها، ولم توفر أبدًا «مظلة نووية» للدول الأخرى.

وأيدت «الخارجية» الصينية المقترحات التي قدّمتها روسيا للولايات المتحدة بشأن الضمانات الأمنية، معتبرة أنها «تتوافق في الوضع الحالي، والمعايير الأساسية للعلاقات الدولية، وتساعد على زيادة الثقة المتبادلة بين الدول، وتقليل مخاطر النزاعات، ودعم الاستقرار الاستراتيجي العالمي والإقليمي».