وفق إعلان داخلي تم تداوله الأسبوع الماضي، أطلق وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مراجعة حول دور وزارة الخارجية في الانسحاب الأميركي المثير للجدل من أفغانستان.

بدأت هذه المراجعة في 1 ديسمبر ومن المتوقع أن تدوم طوال 90 يوماً وأن تغطي الفترة الممتدة بين يناير 2020، أي قبل فترة قصيرة من توقيع إدارة ترامب على اتفاق الدوحة مع حركة "طالبان"، وشهر أغسطس من هذه السنة، حين بلغت جهود الانسحاب ذروتها وبدأت حملة إجلاء عشرات آلاف المواطنين الأميركيين والحلفاء والأفغان المعرّضين للخطر غداة انهيار الحكومة الأفغانية بطريقة سريعة وغير متوقعة.

Ad

وفق نسخة من مذكرة حصلت عليها صحيفة "فورين بوليسي" وتكلمت عنها قناة "سي إن إن" للمرة الأولى، كلّف بلينكن دانيال سميث، القائم بأعمال مدير معهد الخدمة الخارجية في الوزارة، بالإشراف على تقرير ما بعد الانسحاب. سميث هو سفير وظيفي وقد ترأس الوزارة لفترة وجيزة بصفته القائم بأعمال وزير الخارجية في شهر يناير قبل أن يصادق مجلس الشيوخ على تعيين بلينكن.

ووفق مصادر صحيفة "وول ستريت جورنال"، كانت مكاتب المفتشين العامين في وكالات أميركية أخرى، بما في ذلك وزارات الأمن الداخلي والصحة والخدمات الإنسانية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، قد أطلقت مراجعات أخرى حول الانسحاب، يُضاف تعيين سميث إلى مجموعة متواصلة من المراجعات المرتبطة بأفغانستان، بما في ذلك المراجعة التي أجرتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، لتحليل دور وزارة الخارجية في الانسحاب.

كذلك، من المنتظر أن يجري فريق من المسؤولين الحاليين والسابقين في وزارة الخارجية مقابلات طوعية ويراجع الوثائق الداخلية كجزءٍ من تقييم مدته تسعين يوماً، سيكون هذا التقييم منفصلاً عن تحقيق المفتش العام في الوزارة لكنه مُكَمّل له.

قال متحدث باسم وزارة الخارجية إن التقرير النهائي سيكون سرياً على الأرجح لأنه يغوص في أكبر عدد ممكن من التفاصيل، "لكننا نتمسك بأعلى درجات الشفافية، كما نفعل في جميع مساعينا" بحسب قوله، كذلك، سيُمهّد مشروع قانون الدفاع الأميركي الذي وافق عليه الكونغرس هذا الأسبوع لنشوء لجنة عامة حول تجربة أفغانستان لتحليل كامل الحرب الممتدة على عشرين سنة. صرّح مساعِد في الكونغرس لصحيفة "فورين بوليسي" بأن وزارة الخارجية لم تُبلِغ الكونغرس رسمياً ببدء التحقيق الجديد وقد رفضت التعاون مع المراجعة المستمرة في الكونغرس، ويقول ذلك المساعد إن المسؤولين في وزارة الخارجية لن يواجهوا أي عواقب إذا بقيت نتائج التقرير سرية، حتى أن مجلس الأمن القومي الأميركي لن يُحاسَب حينها على أي مخالفات خلال عملية الإجلاء.

رحّب المسؤولون داخل الوزارة بتعيين سفير وظيفي للإشراف على المراجعة، ويقول مسؤول في وزارة الخارجية شرط عدم الإفصاح عن هويته: "إن تعيين سفير وظيفي لأداء هذه المهمة هو قرار صائب، وأظن أن الانسحاب من أفغانستان ترافق مع إخفاقات كثيرة، لكن لا تتحمّل وزارة واحدة فقط كامل المسؤولية، فوزارة الخارجية ليست المُلامة الوحيدة". انتشر هذا الخبر تزامناً مع استمرار الانتقادات لدور وزارة الخارجية في الانسحاب، مع أن الولايات المتحدة نجحت في إخراج 124 ألف شخص من ذلك البلد الغارق في الحرب بعد سقوط كابول في 15 أغسطس، لكن في المقابل بقي آلاف الأشخاص من مقدّمي الطلبات لنيل تأشيرات الهجرة الخاصة في أفغانستان رغم وعود الحكومة الأميركية بإخراجهم من هناك.

اتّهم الناشطون الراغبون في إخراج الأفغان الضعفاء من البلد المسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية بتأخير وصول الأشخاص المؤهلين للإجلاء إلى المطار رغم مرورهم بنقاط التفتيش. تطلق الولايات المتحدة اليوم تحذيرات لإجلاء المواطنين من مناطق حرب أخرى، مثل إثيوبيا، لذا يُصِرّ بلينكن على أهمية إجراء المراجعة لفهم الدروس المستخلصة من التورط الأميركي في أفغانستان.

في هذا السياق، يكتب بلينكن: "أمضى عدد من زملائنا سنوات كثيرة في أفغانستان، وأنهى البعض جولات عدة هناك، ودعم البعض الآخر تلك المهمة من واشنطن أو مكان آخر. من مصلحة وزارة الخارجية والولايات المتحدة برأيي أن نُحدد الدروس المستخلصة من تجربة أفغانستان ونستفيد منها".