وسط إصرار إسرائيل على شنّ عمل عسكري منفرد لمنع طهران من «تطوير قنبلة ذرية» تحت مظلة «التفاهم السريع» على إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، حذر مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان من أن واشنطن وتل أبيب في مفترق طرق بشأن قضايا أمنية مختلفة.

وقال سوليفان، عقب محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت ركزت على «الملف الإيراني» إنه «يجب بلورة رؤية أمنية إسرائيلية أميركية مشتركة، والرئيس جو بايدن طلب مني المجيء إلى هنا، قبل عيد الميلاد، لأننا موجودون في نقطة زمنية بالغة الأهمية لدولتينا حيال مجموعة مواضيع أمنية مهمة»، مشدداً على أن «المصالح المشتركة مثل القيم التي تستند إليها دولتانا، عميقة جداً».

Ad

من جهته، أكد بينيت أن لمحادثات فيينا انعكاسات عميقة على الاستقرار في الشرق الأوسط وإسرائيل في السنوات القريبة المقبلة. وقال: «لأن العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة قوية إلى هذه الدرجة، فإنه بإمكاننا التحدث بانفتاح وصراحة حول التحديات المشتركة».

ودعا بينيت إلى وقف مفاوضات فيينا التي استؤنفت نهاية نوفمبر الماضي، متهماً إيران بممارسة «ابتزاز نووي».

ووزع مكتب بينيت مقطع فيديو للقاء وقال في بيان إن مباحثاتهما تناولت إيران ومساعي القوى العالمية لإحياء الاتفاق النووي المقيد لطموحات طهران النووية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

لقاءات واتصالات

ووصل سوليفان إلى إسرائيل ليل الثلاثاء ـ الأربعاء، والتقى لاحقاً الرئيس إسحاق هرتسوغ، الذي أعرب عن «قلقه من التقدم المحرز نحو امتلاك إيران أسلحة نووية تحت غطاء المفاوضات في فيينا»، كما التقى وزير الخارجية يائير لبيد ووزير الدفاع بيني غانتس.

وفي تأكيد على حساسية الوضع، ذكرت «القناة 13» العبرية، أن الرئيس الأميركي يرفض الرد على اتصالات رئيس الوزراء الإسرائيلي منذ 3 أسابيع.

وأفاد القناة الإسرائيلية بأن بايدن، الذي يسعى لإعادة التزام واشنطن بالاتفاق النووي بعد انسحاب سلفه دونالد ترامب منه عام 2018، يرفض إجراء محادثات حول الشأن الإيراني مع بينيت.

وكشفت القناة أن مكتب بينيت يحاول تنسيق إجراء مكالمة هاتفية مع بايدن، غير أن البيت الأبيض لم يرد على الطلب الإسرائيلي.

هجوم فوري

وفي وقت تسعى الدولة العبرية لحث المجتمع الدولي على التكاتف من أجل إجبار طهران على التخلي عن مشروعها النووي بدلاً من إحياء اتفاق يسمح لها بأنشطة تشمل تخصيب اليورانيوم بنسب منخفضة جداً، وجّه رئيس شعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي وقائد سلاح الجو القادم، تومير بار، تهديدات لإيران و«حزب الله»، معتبراً أنه بالإمكان تدمير المنشآت النووية في الجمهورية الإسلامية، وأنه سيتم استخدام قوة هائلة ضد لبنان «لا يتخيلها حزب الله».

وقال بار، في تصريحات ستنشر كاملة غداً، «بإمكان سلاح الجو الإسرائيلي شن هجوم في إيران صباح غد وتدمير المنشآت النووية، ولا يوجد وضع نعمل فيه هناك، على بُعد ألف كيلومتر عن هنا، ولا أعود إلى البيت وأقول نفذت المهمة».

وسيتولى بار قيادة سلاح الجو في أبريل المقبل. وبحسب خبراء في إسرائيل، فإنه في ظل المحادثات النووية بين الدول العظمى وإيران، والتوتر بين تل أبيب وواشنطن، يعتبر بار أنه من الجائز أنه سيقود الهجوم الجوي الفوري ضد إيران.

وتطرق بار إلى التقارير التي تتحدث عن عدم رصد الحكومة الإسرائيلية ميزانية خاصة للاستعداد لهجوم ضد إيران، في أعقاب تطوير برنامجها النووي، وقال إن الجيش الإسرائيلي لن يبدأ من الصفر، لافتاً إلى تزوده بطائرة «إف 35»، وشراء آلاف الصواريخ الاعتراضية للقبة الحديدية من أجل حماية متعددة الطبقات في حال شن هجوم إيراني انتقامي تشارك به الفصائل المتحالفة مع طهران في المنطقة.

بضعة أسابيع

إلى ذلك، حذر كبير المفاوضين الأميركيين بشأن إيران روب مالي من أنه لم يتبق سوى «بضعة أسابيع» لإنقاذ الاتفاق النووي في حال واصلت طهران أنشطتها النووية بالوتيرة المتسارعة الحالية. وقال: «عند ذلك لن يكون هناك صفقة يمكن إحياؤها».

وأشار مالي إلى أنه سيكون «لدينا المزيد من الوقت إذا أوقفت طهران التقدم النووي» لبحث المسائل الفنية المتعلقة بإعادة مراقبة المنشآت الذرية إلى جانب رفع العقوبات الأميركية.

في السياق، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن الجولة الثامنة من محادثات إحياء الاتفاق النووي الإيراني، والتي توقفت مؤقتاً بناء على طلب طهران الأسبوع الماضي، ستستأنف بغضون أسبوع قبل نهاية العام الحالي.

وذكر دبلوماسيون، أن من المقرر استئناف المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وطهران بشأن عودة كلا الطرفين إلى الامتثال الكامل للاتفاق في أواخر الشهر الجاري.

وساطة عراقية

في السياق، يقوم وزير خارجية العراق فؤاد حسين بزيارة إلى طهران اليوم، ويجري مباحثات مع المسؤولين الإيرانيين. وأشارت وزارة الخارجية إلى أن حسين سيبحث «العلاقات الثنائية المشتركة والوضع الأمني الإقليمي».

وتعتبر زيارة حسين المرتقبة، الأولى له، منذ تسلم حكومة إبراهيم رئيسي زمام الأمور في إيران وتأتي وسط استمرار هجمات تستهدف قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق مع بدء العد التنازلي لاتفاق بغداد وواشنطن على سحب الأخيرة القوات القتالية من البلاد.

كما تأتي الزيارة في ظل توقف مفاوضات فيينا النووية بين طهران وواشنطن بشأن إحياء الاتفاق النووي وسط تباين حول إمكانية نجاحها في التوصل إلى تفاهم لرفع العقوبات عن الجمهورية الإسلامية مقابل إعادة القيود على طموحاتها الذرية.