مع «استحالة» انطلاق السباق إلى عرش العقيد الليبي الراحل معمر القذافي غداً في ظل خلافات قانونية ودستورية، وأيضاً حالة عدم الاستقرار السياسي والاضطرابات الأمنية، قررت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، رسمياً، تأجيل الاقتراع على الرئاسة، واقترحت على مجلس النواب إجراء الجولة الأولى في 24 يناير المقبل.

وبعد أن خلصت لجنة المتابعة البرلمانية إلى «استحالة» إقامة الانتخابات الرئاسية في موعدها المقرر غدا، أوضحت المفوضية أنها لم تتمكن من إعلان القائمة النهائية للمترشحين بسبب ظروف «قاهرة» لخّصتها في «التداخل القائم بين المعطيات السياسية والأحكام القضائية الصادرة» بشأن أهليتهم.

Ad

وإذ أكدت أن قراراتها فيما يتعلّق باستبعاد عدد من المترشحين الذين لا تنطبق عليهم الشروط «جانبها الصواب»، دعت مجلس النواب لاتخاذ الإجراءات بإزالة «القوة القاهرة التي تواجه استكمال العملية الانتخابية».

وقبل ساعات، قرر رئيس المفوضية، عماد السايح، حلّ اللجان وإنهاء أعمالها، والرجوع إلى وضع ما قبل العملية الانتخابية، وأيضاً عدم تجديد جميع العقود الموسمية في جميع المكاتب والفروع، مع تسوية كل المستحقات والالتزامات المالية بحلول نهاية العام الحالي.

في هذه الأثناء، شهدت مدينة بنغازي اجتماعاً لسبعة مرشحين للرئاسة؛ أبرزهم قائد الجيش الوطني اللواء خليفة حفتر، ووزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، والعضو السابق بالمجلس الرئاسي أحمد معيتيق.

وفي تجمّع اعتبره مراقبون سابقة مهمة وجيدة وتثير تساؤلات، التقى حفتر بفندق تيبستي في بنغازي أبرز منافسيه باشاغا ومعيتيق وعددا آخر من المرشحين للانتخابات الرئاسية؛ منهم عارف النايض وعبدالمجيد سيف النصر. واتفق المرشحون السبعة، أمس الأول، على «تقديم المصلحة الوطنية الجامعة فوق كل الاعتبارات، وأن المصالحة الوطنية خيار وطني جامع لا تراجع عنه»، وأكدوا «استمرار التنسيق والتواصل وتوسيع إطار المبادرة الوطنية لجمع الكلمة ولمّ الشمل واحترام إرادة الليبيين».

وفي أول إشارة رسمية لما تشهده العاصمة طرابلس من تحركات عسكرية، حيّا رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة الجهود المبذولة لإنهاء «فتيل الأزمة والاحتقان».

وفي حين كتب الدبيبة على حسابه في «فيسبوك»: «لا للحرب، نعم للحياة، والأمن والاستقرار وحرمة الدماء خط أحمر‬»، أعلنت مجموعة من القادة العسكريين التابعين لمدينة مصراته، بينهم المتشدد البارز صلاح بادي خوض «معركة التصحيح لإبعاد الأجسام المشبوهة».

وأعلن القادة، في مقطع فيديو، رفضهم إجراء الانتحابات الرئاسية، ودعوتهم فقط إلى انتخابات برلمانية «مشروطة ومستعجلة»، وذلك «لإخراج ليبيا من هذا الانسداد السياسي».

كما دعوا المجتمع الدولي وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى ما وصف بـ «التوقف عن المساهمة في تدمير ليبيا، وعدم اختزال المشهد في مجرمين وأجسام احتكرت الشرعية بالباطل».

وكانت طرابلس قد شهدت انتشار عربات مدرعة في بعض المناطق، رافقه سد بعض الشوارع بالسواتر الترابية، وخاصة في ضواحي طرابلس الجنوبية، علاوة على إيقاف الدراسة بجامعة طرابلس بسبب «ظروف أمنية»، ودعوة الطلاب إلى مغادرة الحرم الجامعي، مع إيقاف حركة المواصلات العامة.

وعبّر السفير الأميركي ريتشارد نورلاند عن «خيبة أمله» إزاء تأجيل الانتخابات، قائلا: «يجب أن يكتسي العمل باتجاه الانتخابات أولوية، بما يتماشى مع رغبات عموم الليبيين القوية».

وأضاف نورلاند، في بيان على مواقع التواصل، أنه يجب على القادة الليبيين «التعجيل بمعالجة جميع العقبات القانونية والسياسية أمام إجراء الانتخابات، بما في ذلك وضع اللمسات الأخيرة على قوائم المرشحين للانتخابات الرئاسية».

واعتبر خلال مؤتمر صحافي بطرابلس، يوم الاثنين، أنه لا عوائق فنية أمام إجراء الانتخابات الليبية في موعدها، لكن العقبات سياسية وقانونية.

وبرزت مظاهر تعثّر ملف الانتخابات، بعد إقرار مجلس النواب في طبرق قانون الانتخابات في 4 أكتوبر، ورفضه من قبل المجلس الأعلى للدولة بطرابلس لخرقه اتفاق الصخيرات.