شددت الدكتورة سعاد الصباح على أن المرأة خالدة في ثنايا اللّغة وفي أعصابها، تمدّها بالحياة وبالرّبيع، فالمرأة كانت وستظلّ هي القلب من هذا الجسد الأدبيّ الفاتن، رغم الإهمال للحضور النّسائيّ في الشّعر العربيّ خصوصاً والأدب العربيّ عموماً.. ومحاولة إقصاء المرأة تاريخياً، فاللغة أنثى كما هي الحضارة والحياة.. والغيمة والفرح والقصيدة، وبلا أنوثةٍ تفقد اللّغة خصوبتها وبقاءها وتناسلها ونعومتها.

جاء ذلك خلال مشاركة الدكتورة سعاد الصباح في المؤتمر الدولي الذي أقامته في الحادي والعشرين من ديسمبر الجاري منظمة العالم الإسلاميّ للتربية والعلوم والثّقافة «الإيسيسكو» بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية وعقد عبر تقنية الاتصال المرئي تحت عنوان «المرأة واللغة العربية.. الواقع وآفاق المستقبل».

Ad

وقد حلت الدكتورة سعاد ضيف شرف على المؤتمر إلى جانب أربع ضيفات شرف أخريات، هن وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة في المملكة المغربية عواطف حيار، ووزيرة الثقافة المصرية إيناس عبدالدايم، ونائبة وزير الخارجية الأوكرانية إيمين زاباروفا، ووزيرة الشؤون الخارجية النمساوية السابقة كارين كنايسل.

وأكدت الدكتورة سعاد الصباح في كلمتها على جهودها في الانتصار للغة العربية عبر مشوارها الثقافي الطويل، سواء من خلال جهودها كشاعرة وكاتبة، أو من خلال دار سعاد الصباح للنشر، وقالت «كم حاربت من أجل اللّغة العربيّة، وكم كتبت لأجلها، وكم غذّيت أولادي بحبّها.. وأطلقت دار نشرٍ تحمي بوّابةً من بوّاباتها، قاتلت بالشّعر والنّثر والصّوت والصّورة كي تبقى لغتنا الجميلة جميلة.. وكي نبقى أكثر جمالاً ونستحقّ ما فيها من جمال».

وثمّنت الدكتورة سعاد الصباح جهود المنظمة على دورها في نشر اللّغة العربيّة، وأكدت أن «هذا المؤتمر خطوةٌ مهمّةٌ لإنصاف الجانب المشرق من لغتنا العربيّة، وإعادة الأمور إلى نصابها.. فكيف نترك اللّغة تفقد أنوثتها الجميلة؟ ونسلبها أمومتها.. والجنّة التي تستريح تحت قدميها؟».

وأتى انعقاد هذا المؤتمر، الذي شهد مشاركة نسائية رفيعة المستوى، من جانب مسؤولات وشاعرات ومختصات بعلوم اللغة العربية، ضمن برنامج احتفالية عام الإيسيسكو للمرأة 2021، الذي حظي بشرف الرعاية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمـد السادس، عاهل المملكة المغربية، وبمناسبة الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية لعام 2021.

مسؤولية مشتركة

عن تخصيص المؤتمر للمرأة وإسهاماتها في الدرس اللغوي، أوضح الدكتور سالم بن محمـد المالك، المدير العام للإيسيسكو، في كلمة استهل بها الجلسة الافتتاحية، أن هذا التخصيص جاء قصد دراسة إسهامات المرأة بمنهجية علمية صرفة، حيث إن مصادر التراث اللغوي والأدبي، لم تركز كثيراً على الدور الحضاري والإنساني للمرأة، وأن كتب التاريخ والأدب واللغة، لم تفرد لها مكاناً متسعاً يليق بإسهاماتها وأدوارها البارزة والمستترة.

ونوه المالك إلى ما توليه المنظمة في إطار رؤيتها الجديدة، من اهتمام بالشعر النسائي، حيث أطلقت جائزة الإيسيسكو للشعر النسائي «قصيدة عام المرأة 2021».

غنى وتنوع

بدورها، أكدت الدكتورة عواطف حيار، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة في المملكة المغربية، أن اللغة العربية تعتبر من أكثر اللغات السامية تحدثاً في العالم، وأغناها، والدليل على ذلك ما تتضمنه المعاجم من مفردات ومصطلحات متعددة، مشيرة إلى أن توظيف اللغة العربية في الإنتاج المعرفي لم يكن حكراً على الرجل وحده، إذ أسهم إبداع المرأة في غنى إنتاج المادة المعرفية.

من جانبها، أكدت إيمين زاباروفا، نائبة وزير الخارجية الأوكرانية، في كلمة ألقتها فاسيليفيا أوكسانا يوريفنا، سفيرة أوكرانيا لدى المملكة المغربية، أن اللغة العربية تتميز بالتنوع الثقافي الغني، وأن النساء يلعبن دوراً مهماً في بناء السلام، ويجب أن يتم إشراكهن على قدر المساواة مع الرجال.

أما كارين كنايسل، وزيرة الشؤون الخارجية النمساوية السابقة، فأشارت في كلمتها إلى أن دراسة اللغة العربية خلال السنوات الماضية، مكنها من السفر واكتشاف أشياء عديدة، داعية القائمين على تعليم اللغة العربية إلى العمل على نشر الوعي بأهميتها وضمان انتشار واسع لها واستمرار تعليمها للجميع.

وفي ختام الجلسة الافتتاحية، التي أدارها الدكتور مجدي حاج إبراهيم، رئيس مركز الإيسيسكو للغة العربية للناطقين بغيرها، تم عرض مقطعي فيديو، الأول حول جائزة الإيسيسكو للشعر النسائي «قصيدة عام المرأة 2021»، فيما تناول الثاني التعريف بجائزة الإيسيسكو بياناً للإبداع التعبيري باللغة العربية في دورتها الثانية 2021، كما تم الإعلان عن تدشين الموقع الإلكتروني لمركز الإيسيسكو للغة العربية للناطقين بغيرها، قبل الانتقال إلى جلسات عمل المؤتمر.