بقايا خيال: عصابات المافيا في الكويت
قبل أسبوعين تقريباً انتشر مصطلح "المافيا" بين عموم الناس بعد أن استخدمته الصحافة على لسان أكثر من مسؤول، إثر القرار العشوائي وغير المدروس من مسؤولين في وزارة الداخلية بوقف تجديد رخص الوافدين لمصلحة مكاتب سيارات سيارات الأجرة الجوالة وتحت الطلب، لإجبار الوافدين على استخدام الأجرة بدلاً من سياراتهم الخاصة. تخيل أن وزارة الداخلية المنوط بها الحفاظ على أمن وسلامة أفراد المجتمع بشقيه المواطن والمقيم، نفاجأ بأن هناك من مسؤوليها من يستخدم الوزارة لمصالحه الخاصة حتى لو تسبب في ضياع مصالح مئات الشركات وآلاف الأسر، ويستخدمون وظائفهم لتشكيل جماعات هي في حقيقة الأمر "عصابات للجريمة المنظمة" لمماسة الابتزاز والتلاعب بنشاط اقتصادي عن طريق لي الذراع، على الرغم من أن المافيا الغربية أنشئت لحماية الأفراد والمؤسسات حتى لو كان بالابتزاز. وهناك أنواع من "المافيات" استغلت الإدارات الحكومية لمصالحها الخاصة، على الرغم من أن المافيا العالمية كانت أشبه بمؤسسات خاصة تتحكم بالإدارات الحكومية من الخارج، وليس كما يحدث عندنا وكأنها سيطرة من الداخل الحكومي على الداخل والخارج. ومن هذه المافيات مافيا تجار المخدرات في السجون، ومافيا تجار الإقامات ومافيا إجازات القيادة المزورة التي وصل عددها إلى ما يقارب 30 ألف إجازة قيادة، ومافيا سوق السمك، ومافيا سوق السكراب حيث تباع قطع غيار البنية التحتية الحكومية دون حسيب ولا رقيب، ومافيا الأدوية العلاجية ومافيا مواد التموين والتي بتنا نراها تباع في بسطات عالمية، ومافيا التوظيف، ومافيا المناقصات، ومافيا البترول، ومافيا العقار والنصب العقاري، وغيرها من المافيات التي لم تتطرق لها الصحافة، لكن الناس يتحدثون عن بعض تفاصيلها بشيء من الهمس والغمز واللمز، والحكومة تدري عنها بتفاصيلها كلها لكنها "مطنشة" وكأن الموضوع لا يعنيها لا من قريب ولا من بعيد، لتترك "القرعة ترعى". إدارة العلاقات العامة في أي مؤسسة هي المعنية بما يكتب في كل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، لإحاطة كبار مسؤولي المؤسسة بها وبالقرار الإعلامي الواجب اتخاذه، وإذا كنا نتحدث عن وزارة الداخلية فهذا يعني أن مسألة الأمن الداخلي من أولويات الوزارة، وأتوقع أنه كان يفترض على "عيون" الوزارة أن تكون على بينة بكثير مما سوف ينشر أو يعرض على وسائل الإعلام، لاتخاذ القرار المناسب والحاسم أولاً، ولفرض حالة الاستقرار واستتباب الأمن والأمان ثانياً، خصوصاً أن "مافيا التكاسي" ولد من رحم الوزارة، وكان يفترض أن يوءد داخل الوزارة قبل انتشار الخبر كحريق الغابات بين أفراد المجتمع، وحتى لا يصل إلى أي وسيلة إعلامية.
وهنا يجب أن نرفع القبعة لأي وسيلة إعلامية أثارت هذا الموضوع قبل استفحاله، فما يدريك أن وزارة الداخلية قد لا تتخذ أي قرار بهذا الشأن في الوقت المناسب لولا الإثارة الإعلامية؟