هذه الكويت... وهؤلاء أبناؤها
منذ ثماني سنوات، تركت الكويت بعد نحو عقدين قضيتهما فيها، كانت من أجمل أيام العمر، عرفت في تلك السنوات رموزاً مضيئة لا أزال أذكرها بكل خير، وستبقى مودتها في قلبي ما حييت، والآن لماذا أعود لأكتب هنا، ملتمساً من "الجريدة" الغراء التي تجمعني بها أطيب الذكريات، أن تنشر هذه الكلمات، وما المناسبة؟ شاء الله تعالى، وله الحمد والمنة، أن أتعرض لضرورة إجراء عملية جراحية خطيرة في القلب، وبعد تردد وخوف، سلمت أمري إلى الله، وعزمت على خوضها، لا سيما بعد أن علمت أنني سأكون بعد رعاية الله تعالى، بين يدي الدكتور أحمد فؤاد أستاذ جراحات القلب المعروف في مصر وغيرها، الذي أسأل الله تعالى أن ينفع به كل محتاج، وأن يبارك له فيما أعطاه من موهبة وإخلاص، حيث امتزجت رعايته بكفاءة عالية وجهد مميز، وكفاءته الطبية التي صعب علينا أن نجد لها مثيلاً، وبالفعل نجحت العملية، وغمرني الله تعالى بفضله وكرمه. غير أنني قبل العملية بأيام وحين كنت أعد نفسي لها، أتاني دعم نفسي ومعنوي من رمز كبير لم أكن أتخيل أنه يتذكرني إلى الآن، بما أعلمه عنه من أعباء جسام ومهام كبيرة ومشاغل عديدة، فإذا باتصال يطمئن على صحتي من إخواني وأصدقائي في مكتب رئيس الديوان الأميري الكويتي الشيخ مبارك الفيصل، حيث أكد لي الأصدقاء أن معاليه يطمئن منهم على صحتي ودائم السؤال عني خلال إجراء العملية... هل أنا أحلم؟ لا لم يكن حلماً بل كان حقيقة أشبه بالحلم، نعم لقد شرفت بالعمل معه حينما كان رئيساً لديوان سمو ولي العهد، لكن لم يدر بخلدي أن تأتي تلك المبادرة منه تجاه وافد غادر منذ سنوات عديدة، لأجد حنواً وتواضعاً وصفات أخرى كثيرة يشعر بها قلبي لكنني لا أجد لها حروفاً لائقة بها!
هذه صورة من صور الكويت الجميلة، بنبلها الفياض، وسماحتها اللامحدودة، ونهر عطائها المنساب، فيا من تريدون السماحة هذه هي الكويت، ويا من تريد الوفاء والتواضع والشهامة فهذا مكانها، عاشت الكويت وعاش أميرها وعاش أهلها وعاشت أخلاقها وأبقاها الله تعالى دار العز والمروءة والأيادي البيضاء. وفي مناسبة كهذه، لا أنسى، وما كان لي أن أنسى، أن أتوجه بخالص الدعوات بأن يلبس الله تعالى، سيدي حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد، الذي شرفت بالعمل في ديوان سموه سنوات طوالاً، ثوب العافية، والصحة الوارفة، وأن يمد في عمر سموه سنوات عديدة، وأعماراً مديدة.