«إيران غيت» جديدة مع إسرائيل
شركات إسرائيلية وأميركية مرتبطة بسياسيين اشترت من طهران محروقات بالمليارات رغم العقوبات
عملاء «البنتاغون» سحبوا من إيران خلال 8 سنوات مشتقات نفطية بـ 200 مليون دولار شهرياً
رئيسي أحصى 280 ملياراً مبعثرة حول العالم واشترى بـ 50 ملياراً مجمدة أدوية وأسلحة
بغداد دفعت 5 مليارات دولار من دينها لطهران بالدينار ثم استُبدِلت بعملات أخرى ونقلت لإيران بسهولة
في حدث أعاد إلى الأذهان الصفقة المشبوهة مع إدارة الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، المعروفة بفضيحة «إيران غيت»، خلال الحرب العراقية - الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي، علمت «الجريدة» أن حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تمكنت من تحصيل نحو 50 مليار دولار؛ جزء منها جاء من الأرصدة المجمدة في عدد من الدول، بموجب العقوبات الأميركية، وذلك على شكل مقايضة بعملات محلية غير الدولار وصفقات أسلحة وبضائع، والجزء الآخر دُفع نقداً عبر شراء تجار أميركيين وإسرائيليين، على صلة بشخصيات سياسية نافذة في واشنطن وتل أبيب، لمنتجات نفطية إيرانية بعرض البحر.وقال مصدر رفيع المستوى في مكتب رئيسي، إن تقصياً حكومياً عن الحسابات والزبائن وجد أن الشركات المملوكة للأميركيين والإسرائيليين دفعت ثمن المحروقات الإيرانية نقداً، لكن قسماً كبيراً من الأموال مازال مخبأ في محل غير معلوم. وأشار المصدر إلى أن المسؤولين في إيران لن يُفاجأوا إذا ما اكتشفوا في نهاية تتبع الخيط أن النفط أدخل إلى العدو اللدود إسرائيل، التي تعارض علناً جهود إدارة الرئيس جو بايدن لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
وبيّن أنهم اطلعوا على قيام الشركات التابعة للإسرائيليين، والتي يتخذ بعضها مقار في قبرص ومالطا، بتسلم المشتقات النفطية ونقل جزء منها إلى تلك الدول، مرجحاً عدم اطلاع أطقم السفن، التي تعتمد عليها طهران لبيع النفط بعيداً عن الرقابة الأميركية، على هوية المشتري، أو احتمال نقله المحروقات إلى إسرائيل، لأن كل ما يهم تلك الأطقم تصريف البضاعة وقبض ثمنها. وأضاف أن عمليات التدقيق أظهرت أن شركات تابعة لشخصيات أميركية قامت بشراء الوقود الإيراني في البحر وإعادة تصديره إلى دول مختلفة، تحت عنوان «منشأ عراقي» أو دول عربية أخرى في الخليج، كما كشفت عن شراء مقاولين يعملون لمصلحة وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، في أفغانستان مثلاً، اشتروا بما يعادل 200 مليون دولار شهرياً، خلال السنوات الثماني الماضية، من منتوجات النفط الإيرانية مثل البنزين والمازوت والنفط والكيروسين ووقود الطائرات وأنواع الزيوت والزفت، ودفعوا ثمنه نقداً.وبينما قدّر المصدر قيمة الوقود والمشتقات النفطية المبيعة للأميركيين والإسرائيليين بعشرات المليارات من الدولارات، لم يخفِ تأثير تخفيف الضغط الأميركي و«سياسة غض الطرف من إدارة بايدن» بتطبيق العقوبات، التي فرضتها إدارة سلفه دونالد ترامب عقب انسحابها من الاتفاق النووي عام 2018، على تحصيل المبالغ التي تنعش الاقتصاد الإيراني على أمل إنجاح مفاوضات فيينا.ووسط تكهنات بأن مشتريات المحروقات تأتي في سياق سعي إدارة بايدن لإحياء الاتفاق النووي «ولو عبر طرق ملتوية»، استحضر البعض فضيحة تسليح ريغان لإيران، العدو الأكبر للولايات المتحدة، خلال حربها مع العراق، لقاء إطلاق سراح أميركيين كانوا محتجزين في لبنان.من جانب آخر، انتقد المصدر حكومة الرئيس السابق حسن روحاني، متهماً إياها برفض تسلم أموال النفط والبضائع والخدمات المصدرة حول العالم إلا بالدولار، رغم علمها بأن جل البلدان لن تستطيع الدفع، لأن مصارفها ستقع تحت طائلة العقوبات الأميركية. وأوضح أن رئيسي لجأ لصيغة تعامل مع العديد من الدول استطاعت بموجبها إيران تحصيل عشرات المليارات من الأرصدة المجمدة، إما عبر مقايضتها باستيراد بضائع، أو تحصيل الأموال بالعملات المحلية وشراء بضائع من مصادر أخرى بهذه العملات.ورغم إقراره بأن تلك العملية كبدت الحكومة نسبة مئوية من الخسائر، إلا أنه اعتبر أن تحصيل تلك المبالغ أفضل لإنعاش الاقتصاد المتردي والعملة، من إبقائها مجمدة وذرف الدموع عليها.وحسب المصدر، فإن بغداد دفعت ما يعادل 5 مليارات دولار من دَينها المستحق لطهران بالدينار العراقي، حيث تم استبدال المبلغ عقب ذلك بعملات صعبة أخرى قبل نقلها إلى إيران بسهولة.ودلل المصدر على نجاعة سياسة رئيسي بأن حكومته استطاعت استيراد نحو 150 مليون جرعة لقاح ضد فيروس «كورونا»، وتعاقدت على مثلها وطعّمت نحو 60% من الإيرانيين، في حين أن حكومة سلفه، المحسوب على التيار المعتدل، كانت تتحجج بأن واشنطن أغلقت جميع طرق استيراد اللقاحات والأدوية، وربطت تسهيل وصول التطعيم بسماح المرشد الأعلى علي خامنئي لها بإجراء حوارات مباشرة مع الأميركيين.وزعم المصدر أن حكومة رئيسي تمكنت من تسلم عشرات الطائرات الحربية والأسلحة النوعية المتطورة، بعد دفع التزامات تهربت حكومة روحاني من تسديدها لروسيا والصين.وقدرت جردة قامت بها حكومة رئيسي الأموال المعلقة بالخارج بـ 280 مليار دولار، مبعثرة بعدة دول، على حد وصف المصدر الذي أشار إلى أنها أثارت شهية البعض لاختلاسها، نظراً لأن قدراً كبيراً منها يعود إلى مبيعات نفطية مهربة وغير مدرجة بالسجلات الرسمية، لتفادي العقوبات.