كشفت مصادر ذات صلة أن عددا من الجهات الحكومية تواجه مشكلة في التعامل مع التضخم، لاسيما مع تأخر الإدارة المركزية للإحصاء في عرض بياناتها الشهرية عن أسعار المستهلكين، إذ أعلنت الأسبوع الماضي عن حركة الأسعار خلال سبتمبر 2021، وفيها سجل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين ارتفاعاً بمقدار 4.09 في المئة مقارنة مع سبتمبر 2020.

وأشارت المصادر الى أن العديد من الجهات، كالبنك المركزي أو وزارة التجارة، تأخرت كثيرا في اتخاذ قراراتها بشأن التضخم، نتيجة لغياب البيانات الإحصائية التي من المفترض أن ترسم صورة واضحة أمام متخذي القرار والمواطن على حد سواء، إذ غابت البيانات الأساسية المتعلقة بالتضخم، مما يفتح الباب أمام الشك بصحتها، فهي متأخرة وغير دقيقة، موضحة أن غياب البيانات الصحيحة لأرقام التضخم يعني تفاقماً للب الأزمة وتضليلاً للمستهلكين عن حقيقة الأسعار الحالية وذريعة لرفعها.

Ad

وتساءل عدد من المختصين في حديثهم لـ "الجريدة" عن سبب اختفاء البيانات، وبالتالي صعوبة اتخاذ القرار في الحد من التضخم وارتفاع الأرقام بشكل كبير، خاصة بعد القاء اللوم عليها، بسبب عدم إصدارها بيانات أسعار المستهلكين الشهرية الخاصة بالتضخم لنحو 3 أشهر، وعدم إصدارها تقديرات الناتج المحلي الإجمالي ربع السنوي منذ نهاية العام الماضي.

وبينوا أن ارتفاع الاسعار مشكلة عميقة نرى استمرارها دون حل ويجب على الدولة أن تتحرك نحو الحد منها، عبر الرقابة على اسعار المنتجات الاستهلاكية الضرورية ومعالجة ارتفاعها ان كان غير مبرر، وذكرت أن دور وزارة التجارة يجب ان يكون فاعلا بشكل أكبر والسعي نحو الحد من تلك الارتفاعات، خاصة أننا شهدنا خلال عامي كورونا ارتفاع عدة منتجات بشكل غير طبيعي للمنتجات الاساسية.

وأفادت بأن مواد البناء ارتفعت هي الأخرى، خاصة مع وجود مناطق جديدة تبنى وحاجة الأفراد للمواد الخاصة الاساسية لبناء بيت العمر، الى جانب المستلزمات الأخرى كالحديد والخشب هي كذلك ارتفعت هي الأخرى الى جانب مواد المنظفات.

وتخوفت المصادر من تذرّع مورّدي المنتجات بصعوبة حركة النقل الجوي ووصول المنتجات الى توقّف العديد من المصانع عن إمدادها برفع المنتجات محلياً في الكويت.

وأشاروا إلى أن من أبرز أسباب التضخم احتكار المنتجات خلال الأزمات، وهو ما شهدناه خلال أزمة جائحة كورونا الصحية، وتعمد العديد من ملّاك تلك المنتجات احتكار منتجاتهم، رغم الحاجة الماسة إليها، كما شهدنا في الكمامات، والحديد، والبيض، والبصل.

ولفتوا الى أن تأخر بنود الإصلاح التي أعلنتها المالية أثّر على التضخم، حيث ان إصدار سلسلة من القرارات التي تساهم في الحد من تلك الارتفاعات القياسية، وبالتالي تؤثر على ميزانية المواطن ورفاهيته، في حين أن المصادر أكدت ان الدولة تكفل للمواطن التعليم والصحة والغذاء، إلا أن التضخم لايزال يلتهم جزءاً كبيراً من رواتب ذوي الدخل المحدود والمتوسط، في حين ان تردي الخدمات يساهم في توجه الغالبية نحو الخدمات الخاصة، كالخدمات الصحية، وهو ما يعني إجبارهم نحو دفع مبالغ، كما من الضروري كسر الاحتكار وتعزيز المنافسة والرقابة على الاسعار ومحاربة الممارسات الضارة، وتحويل الاقتصاد الى اقتصاد منتج، ودعم الشركات المحلية المنتجة في قطاع الزراعة ولتقليل الاستيراد وتعزيز الأمن الغذائي.

وتواجه دول العالم أزمة ارتفاع أسعار، حيث وصلت أسعار القهوة الى اعلى سعر، في حين وصلت أسعار المواد الغذائية إلى أعلى مستوياتها منذ 10 سنوات، وسط مؤشرات على عدم الاستمرار في الزيادة بهذه السرعة.

وارتفع مؤشر الأمم المتحدة لتتبّع الأغذية من القمح والزيوت النباتية إلى أعلى مستوى له في عقد جديد بالشهر الماضي، حيث أدى سوء الأحوال الجوية وارتفاع تكاليف الشحن ونقص العمالة إلى ارتفاع الأسعار.

ولا تزال أسعار السلع الزراعية تشهد زيادة، ولكن بمعدل أبطأ، وارتفع المؤشر بنحو 20 بالمئة في النصف الأول من العام، لكنه ارتفع بنسبة 6 بالمئة فقط منذ ذلك الحين.

وذكر المجلس الدولى للحبوب أن مخزونات القمح تشهد الآن انخفاضا عما كانت عليه من قبل، وأن المخزون لدى كبار المصدرين قد يكون عند أدنى مستوى له منذ 9 سنوات.

ونقل تقرير خدمة "ستراتيجي غرينز" في فرنسا: "نعتقد أن أسعار القمح الأوروبية ستتوقف عن الارتفاع، وأنها قد تنخفض حتى ولو بدرجة صغيرة على المدى القريب".

وأشارت الى أن تلك الأنباء عن ارتفاع المواد الغذائية من بلدها المنشئ سيساهم في إيجاد ذريعة لملّاك منتجي المواد الغذائية والمطاعم والموردين برفع الأسعار، بذريعة أن الارتفاع عالمي، مما يلقي عاتق الرقابة على الجهات ذات الصلة للتأكد من الأسعار والرقابة عليها ومقارنتها بالدول المجاورة.

يذكر أن دراسة أعدتها وزارة التجارة والصناعة حول الآثار الناتجة عن ارتفاع أسعار المواد الإنشائية المستخدمة في البناء السكني الخاص على المواطنين من مستحقي الرعاية السكنية عن أن تكاليف البناء في القطاع السكني الخاص شهدت ارتفاعات حادة أخيرا، حيث ارتفع متوسط تكلفة بناء المتر المربع لوحدة سكنية خاصة من 135 دينارا قبل جائحة كورونا، وصولا الى ما يقارب من 160 دينارا حاليا، أي بزيادة بلغت نسبتها 18.5 بالمئة، وهي تعتبر نسبة مرتفعة وفقا لكل المقاييس الاقتصادية، ويرجع السبب في ذلك الى الارتفاع في أسعار معظم المواد الإنشائية الأساسية المستخدمة في عمليات البناء؛ سواء كانت وطنية المنشأ أو مستوردة، مثل الحديد وقواطع الألمنيوم والأخشاب وأعمال الخرسانة وشبكة الكهرباء وشبكة التغذية المركزية للمياه والصرف الصحي ووحدات التكييف المركزي، والتي يمكن إيعازها في العموم الى الارتفاع المتزايد في تكاليف الإنتاج (تكلفة المواد الأولية المستخدمة في تصنيعها وتكاليف الشحن/ النقل والتخزين والأجور)، فضلاً عن تعاظم الطلب العالمي عليها.

جراح الناصر