حوار كيميائي : أين دور مؤسسات المجتمع المدني؟
تلعب مؤسسات المجتمع المدني دوراً محورياً في التنمية الاجتماعية بجميع البلدان المتقدمة، وتنهض بعبء التعبير عن اهتمامات أعضائها والأهداف التي يسعون لتحقيقها، وهي مؤسسات تنظيمية اجتماعية رديفة للمؤسسات الرسمية، تتمتع بالمرونة والاستجابة للاحتياجات التنموية، وتلامس الحاجات الحقيقية للمجتمع، وتقوم على المشاركة الفعالة بين مختلف الأفراد المنضوين تحتها، وبذلك يمكن اعتبارها مدخلاً رئيسياً لعملية التنمية. ووجودها وتنامي دورها دلالة على حيوية المجتمعات، كما أنها المؤسسات الأهم في تمكين الشباب من المشاركة المجتمعية الواسعة.ومنذ تأسيس الكويت الحديثة، كان لمؤسسات المجتمع المدني دور أساسي، ووصل صداها إلى كثير من دول العالم، مما جعل الكويت مميزة في منطقتها بدستورها وبالمشاركة المجتمعية الواسعة، وتنامي دور مؤسسات المجتمع المدني وكثرة عددها. ومن حقنا أن نسأل اليوم: لماذا تراجع دور مؤسسات المجتمع المدني خلال السنوات الأخيرة؟ أين هذه المؤسسات؟ ولماذا لم نعد نرى أدوارها، سواء على المستوى الفني أو الثقافي، وكذلك على المستوى السياسي والاقتصادي، ولدينا الكثير من هذه المؤسسات؛ لكنها أسماء وكيانات مجرد عناوين، لم تعد تلعب الدور المأمول منها، سواء على المستوى العلمي أو الثقافي والفني أو الإثرائي، أين دور هذه المؤسسات كل حسب تخصصه؟ والتي لعبت دائماً أدواراً مهمة فيما مضى.
ولعل هذه واحدة من مشاكلنا الحالية في التنمية ورفع الوعي الشعبي وتحقيق المشاركة المجتمعية، وهو مؤشر على ما وصلنا إليه في وأد العمل الجماعي المؤسسي، الذي تحرص عليه كل البلدان المتقدمة؛ فلا أحزاب في الكويت ولا قوى سياسية، كما في أغلبية البلدان، مما جعل الحالة الفردية هي السائدة؛ فعلى المستوى السياسي العمل فردي، وعلى مستوى الوزراء العمل فردي لا مؤسسي، ومع ذلك كان الأمل معقوداً دائماً على مؤسسات المجتمع المدني في تأطير العمل الجماعي وتنظيمه. لكن هذه المؤسسات بدل أن تنهض بدورها في العمل الجماعي تحولت إلى الفردية، وأصبحت كل مؤسسة مرتبطة برئيسها وببضعة أعضاء، وتحوّل خطابها من خطاب مع المجتمع عن طريق قطاعات المهن وأصحاب التخصص -كما يفترض من طبيعتها- إلى عمل فردي، وتم تطويعها "إما بشيمة أو بجيمة" للأسف الشديد، وهو ما أدى إلى تنامي الفردية، فأصبحت السمة البارزة في الكويت، ولذلك زادت انتكاساتنا مزيداً من الانتكاسات. «Catalyst» مادة حفازة:مسؤولية مجتمعية + مؤسسات فاعلة = مجتمع مدني حقيقي