الضجيج عن الحكومة القادمة وتأخر تشكيلها ليس له معنى، وسواء بقي الرئيس سمو الشيخ صباح الخالد أم تغير فأزمة الدولة هي بإدارتها. وغياب الرؤية والحسم في إصلاح حالها الاقتصادي - السياسي سيظل مع استمرار رئيس الوزراء الحالي أو تغيُّره وتغير الوزراء معه، سواء أصبحوا سياسيين أو بيروقراطيين أو خلطة "قرقيعان" منتهية الصلاحية حسب العادة التي نعرفها.السلطة لا تعرف ماذا تريد، ومن ترضي ومن تغضب، سواء للذين تتركب منهم السلطة ذاتها أو من الشعب الذي تحكمه. الخراب في الدولة هيكلي من الأساس، وحين يثرثر الكثيرون من المنظرين عن الإصلاح، فأي إصلاح هذا؟ هل سيكون بتر الحالة الريعية للاقتصاد وما نتج عنه من فساد طال ليس السلطة فقط بل تمدد للعديد من شرائح المجتمع، من غياب حكم القانون وعدم الاكتراث له، وسيطرة الأنا وتعاليها وتخندق الكثيرين في بؤر العائلة والعشيرة والطائفة، أم هناك أمل خائب في بقاء الحال على حاله معلقاً على مستقبل مظلم للجيل القادم، الذي تم شهر إفلاسه منذ زمن بعيد بسياسات الفساد الاسترضائية والاقتراض من الغد لحساب الحاضر؟!
وإذا تم الاتفاق على تشخيص هذا المرض الريعي، فماذا سيكون شكل الدولة، بفرض أن ممثلي الأمة توافقوا مع الحكم على الإصلاح الاقتصادي، وهذا صعب إن لم يكن مستحيلاً مع ثقافة الاستهلاك المدمرة ونهج الشعبوية للنواب؟ هل سيكون الإصلاح نحو الخصخصة والضريبة وزيادة الرسوم ورفع الدعوم وإلغاء امتيازات كوادر وظيفية ليس لها أي أساس، وتلك وصفة البنك والصندوق الدولي، وبغيرها لن يمكن للدولة الاقتراض من السوق العالمي، وهذا ما حدث ويحدث مع عدد من الدول، وتجربة أزمة اليونان عام 2008 ليست بعيدة، أم ستبقى دولة الرعاية التي تعني، حسب فهم البعض، هي دولة القطاع العام المتخم بالبطالة المقنعة والتواكل والفوضى البيروقراطية. والسؤال هنا: هل يمكن الجمع بين دولة الرعاية ودولة الإصلاح في وقت واحد، مع حل أزمة العجز المالي ووقف الاقتراض من الغد لحساب استهلاك اليوم؟ما طبيعة هذا الإصلاح وكيف يكون؟ وهل تملك السلطة أي تصور عنه، أم أنها مفلسة منذ زمن طويل فدعوا القرعة ترعى؟!
أخر كلام
السلطة التائهة
26-12-2021