قبل ساعات من التظاهرات الحاشدة تحت شعار «لا تفاوض مع الجيش»، لجأ المجلس الانتقالي السوداني برئاسة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، أمس، لإجرائه المعتاد للتصدي لتعبئة المعارضة، عبر قطع شبكة الإنترنت وخدمات الهاتف المحمول وغلق جسور العاصمة الخرطوم ونشر قوات الأمن في الشوارع والضواحي.

ورغم حرمان الناشطين، الذين ينظّمون صفوفهم أو يبثون صوراً حيّة لمسيراتهم عبر الإنترنت، من الوصول إلى شبكات التواصل أمس، نزل الآلاف إلى الشوارع في الخرطوم وضواحيها وفي مدن أخرى احتجاجاً على الحكم العسكري بقيادة البرهان، الذي يرأس السلطات الانتقالية منذ 25 أكتوبر، وقاموا بإزالة الحواجز الأسمنتية في طريقهم للقصر الجمهوري.

Ad

وفي تحدّ للانتشار الأمني الواسع وغير المسبوق في العاصمة، شكّلت قوافل المتظاهرين واتجهت مجدداً للقصر الرئاسي، في ذكرى مرور شهر على انقلاب البرهان على شركائه المدنيين في السلطة الانتقالية المشكلة بعد عزل الرئيس عمر البشير، والتي يفترض أن تقود السودان إلى انتخابات حرة تفضي إلى حكومة مدنية منتخبة.

وعلى بعد مئات الأمتار من القصر، أطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين المطالبين بعودة «الجنود إلى الثكنات»، ورفض الاتفاق السياسي الموقع أخيراً بين رئيس الحكومة عبدالله حمدوك والبرهان. وعشية التعبئة الجديدة للحراك الشعبي، أعلنت ولاية الخرطوم خطة لتأمين العاصمة وحماية الأماكن الاستراتيجية، تشمل غلق الطرق المؤدية إليها من كل الاتجاهات وإحكام قفل الكباري النيلية عدا جسرَي سوبا والحلفايا، مؤكدة أن «الخروج عن السلمية والاقتراب والمساس بالمواقع السيادية والاستراتيجية مخالف للقوانين، وسيتم التعامل مع الفوضى والتجاوزات بحزم».

وقبل يومين، خرجت مئات النساء في مسيرة بأم درمان ومدن سودانية أخرى، في رد فعل على مزاعم تعرّض 13 امرأة للاغتصاب أثناء احتجاجات مناهضة للحكم العسكري. ولم يعلّق الجيش ولا الشرطة السودانية على هذه المزاعم. في غضون ذلك، كشفت مصادر موثوقة عن ترتيبات «خلال اليومين القادمين» لإعادة السفراء الذين تم إعفاؤهم من الخدمة، عقب قرارات البرهان في 25 أكتوبر الماضي.

وكان البرهان قد أعفى في 28 أكتوبر سفراء السودان في الولايات المتحدة وبلجيكا وقطر والصين وفرنسا وسويسرا من مناصبهم، لرفضهم قراراته، التي شملت حل مجلسَي السيادة والوزراء، وفرض حالة الطوارئ.