لا حرب باردة جديدة في الأفق!
![سلايت](/theme_aljarida/images/authorDefault.png)
كذلك، تمنع المادة الخامسة من المعاهدة الروسية الطرفَين الأميركي والروسي من استعمال أي قوات مسلحة أو معدات في إطار منظمات أو تحالفات عسكرية في المناطق التي يُعتبر فيها هذا التحرك مصدر تهديد على طرف معيّن، لكنه بند غامض، إذ كيف سيعرف أحد الطرفين أن الطرف الآخر يعتبر تحركاً معيناً مصدر تهديد عليه قبل حصول ذلك التحرك؟ وهل يمكن أن تزوّد الولايات المتحدة أوكرانيا بالأسلحة خارج إطار العمل هذا؟ لن يتحقق ذلك بأي طريقة أخرى.في الوقت نفسه، تمنع المادة السادسة من المعاهدة الطرفَين من نشر صواريخ بالستية متوسطة أو قصيرة المدى ومنطلقة من الأرض في المناطق التي تسمح لهما باستهداف مواقع معينة في أراضي الطرف الآخر، وسيفرض هذا البند القيود على الولايات المتحدة وحدها لأن روسيا لا تملك أي قواعد لإطلاق هذا النوع من الصواريخ نحو الولايات المتحدة. أخيراً، تمنع المادة السابعة الطرفَين من تدريب الجيوش التقليدية أو تنفيذ تدريبات عسكرية معها في إطار سيناريوهات تشمل استعمال الأسلحة النووية. قد يبدو هذا المطلب منطقياً، لكنه ليس كذلك، حيث تطبّق الولايات المتحدة في جميع الظروف سياسة "الردع المتوسّع" مع الناتو وحلفائها الآخرين، مما يعني أنها تتعهد باستخدام الأسلحة النووية، عند الحاجة، لوقف هجوم الأعداء أو ردعه، وإذا تحقق هذا السيناريو فعلاً، فسيبدأ الصراع على الأرجح على شكل حرب تقليدية، ولإثبات مصداقية الردع المتوسّع أمام الحلفاء والخصوم، يجب أن تنفّذ الولايات المتحدة تدريبات عسكرية تحاكي الانتقال من الحرب التقليدية إلى الحرب النووية، وقد يكون تغيير هذه السياسة ضرورياً، لكنّ هذه الخطوة تتطلب مراجعة شاملة لسياسة التحالفات الأميركية، فلا تقتصر على بند بسيط في أي معاهدة بين الولايات المتحدة وروسيا.في النهاية، يتعلق أكبر خطأ في الوثيقة الروسية بطرحها كمعاهدة تقتصر على الولايات المتحدة وروسيا، ويجب أن تشمل أي معاهدة مرتبطة بالمسائل الأمنية في أوروبا عدداً من الدول الأوروبية، بما في ذلك أوكرانيا، على طاولة المفاوضات، ومقابل أي تراجع في الالتزامات الأميركية تجاه أوكرانيا، يجب أن توافق روسيا على سحب قواتها العسكرية من إقليم "دونباس"، وتوقف إيصال الأسلحة إلى الانفصاليين الروس، وتسحب جزءاً من قواتها على الأقل من الحدود الأوكرانية.يتضمن اقتراح موسكو نقاط بداية مثيرة للاهتمام وأفكاراً خادعة أيضاً، لكنّ الانتقادات التي تنذر بالعودة إلى حقبة الحرب الباردة وإخراج الولايات المتحدة من أوروبا الشرقية كلها تبقى خاطئة بكل بساطة، وسواء كانت هذه الوثيقة نقطة انطلاق لأي مفاوضات أو منطقاً يُمهّد لتصاعد التوتر بين البلدَين، يجب أن يفهم الجميع أولاً حقيقة الأفكار المقترحة.