دخلت مفاوضات فيينا النووية التي استؤنفت جولتها الثامنة، أمس، مرحلة حساسة وحاسمة، في ظل إصرار إيران على تحقيق مطلبين يتضمن أحدهما الحصول على ضمانات بعدم انسحاب الولايات المتحدة مرة أخرى من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، وينص الآخر على ضمان حريتها في بيع النفط وتحويل العوائد بالعملة الصعبة دون سقف محدد.

ومع عودة رئيس الوفد الإيراني علي باقري كني إلى طاولة المفاوضات مع مجموعة «4+1»، التي تضم فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، والصين، وروسيا، شككت طهران بدور الأطراف الأوروبية التي تسعى إلى تفاهم يعيد فرض القيود والرقابة على برنامج إيران الذري، ويمكن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من العودة إلى الالتزام بالاتفاق الذي انسحب منه سلفه دونالد ترامب عام 2018.

Ad

وقال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان: «اليوم تبدأ جولة جديدة من المفاوضات في فيينا. جدول الأعمال هو مسألة الضمانات والتحقق من رفع العقوبات الأميركية بحال العودة للاتفاق».

وأضاف: «الأهم بالنسبة إلينا هو الوصول إلى نقطة يمكننا من خلالها التحقق من أن النفط الإيراني سيباع بسهولة، ومن دون أي حدود، وأن الأموال لقاء هذا النفط ستحوّل بالعملات الأجنبية إلى حسابات مصرفية تابعة لإيران، وأنه سيمكننا الاستفادة من كل العوائد الاقتصادية في قطاعات مختلفة».

وأوضح: «توصلنا إلى وثيقة مشتركة حول المسألة النووية، والعقوبات. اليوم ستبدأ المفاوضات الأولى حول الوثيقة الجديدة المشتركة، أي إننا وضعنا وثيقة الجولات بين أبريل ويونيو جانبا»، في إشارة إلى نتائج المفاوضات التي خاضتها حكومة الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني.

ورغم حديث الوزير المنتمي إلى حكومة الرئيس الأصولي المتشدد إبراهيم رئيسي عن بحث وثيقة جديدة، لفت البرلماني الإيراني البارز مالك شريعتي إلى أنه «لم يحدث جديد في محادثات فيينا حتى الآن، ولم يبدأ الفريق الإيراني المفاوضات من الصفر إطلاقاً، واستند في محادثاته إلى النصوص السابقة مع تعديلات عليها».

وفيما يتعلق بالمدة التي تستغرقها المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي، بعد تحذير مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جيك سوليفان، خلال زيارة لإسرائيل الأسبوع الماضي عن موعد نهائي غير معلن لـ«موت المباحثات»، أكد مصدر مقرب من فريق التفاوض الإيراني أن «طهران ملتزمة بالتوصل إلى اتفاق جيد في أقصر وقت ممكن، لكننا لن نتقيد بمواعيد نهائية وهمية، وهذه المواعيد النهائية لن تغير خطوطنا الحمر. لا توجد حالة طارئة لنا في المفاوضات».

تهديد منفرد

وفي وقت تتبادل إيران وإسرائيل رسائل التحذير العسكرية، كرر وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، تهديد إيران والتلويح بهجوم عسكري ضدها. وقال إن طهران مهتمة برفع العقوبات من أجل تمويل برنامجها النووي و«شبكة الإرهاب التي تنشرها في العالم».

وأضاف خلال مشاركته في اجتماع لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، أمس، ان «التحدي المركزي لسياسة الخارجية والأمن الإسرائيلية أن نمنع النووي الإيراني».

وأشار لابيد إلى أنه «أجرينا في الأشهر الأخيرة حواراً مكثفاً مع جميع الدول الضالعة في مفاوضات فيينا، خصوصا مع الولايات المتحدة، بطبيعة الحال لكن ليس معها فقط. فقد زرت موسكو، باريس، لندن، وواشنطن طبعا».

وبين أنه أكد للجميع بشكل واضح أن «إسرائيل لن تسمح لإيران بأن تصبح دولة عتبة نووية. ونحن نفضل طبعا العمل من خلال تعاون دولي، لكن إذا اضطررنا فسنعمل وحدنا، وسندافع بقوانا الذاتية عن أمننا».

وتابع أنه «استعرضنا أمام حلفائنا الكثير من المعلومات الاستخباراتية الصلبة، وليس آراء ومواقف فقط، إنما مواد استخباراتية تثبت أن إيرام تخدع بصورة منهجية تماما».

وحسب لابيد، فإن «كل ما يهمهم هو رفع العقوبات وضخ مليارات الدولارات إلى البرنامج النووي، حزب الله، سورية، العراق، شبكة الإرهاب التي ينشرونها في العالم».

وادعى لابيد: «نحن نعارض الاتفاق الذي لا توجد فيه إمكانية لإشراف حقيقي على البرنامج النووي الإيراني، ولا على المال الإيراني، ولا على شبكة الإرهاب».

لا موعد

على صعيد منفصل، كشف وزير الخارجية الإيراني أن بلاده تعمل حالياً على «تحديد موعد التفاوض مع السعودية، ونعمل على تحضيرات الجولة الجديدة من المفاوضات معها».

وأكد عبداللهيان، في معرض رده على سؤال حول موعد بدء الجولة الخامسة من المحادثات التي وصفتها الرياض بالاستكشافية أنه: «لم يتحدد بعد، لكننا تنظم جدول الأعمال».

وفي موازاة ذلك، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، إن «المفاوضات مع السعودية تستمر مع إدراك النقاط الخلافية والقواسم المشتركة، وحل الخلافات يأتي من خلال الحوار، ونحن مستعدون للمشاركة في الجولة الخامسة من المفاوضات والرياض أصدرت تأشيرات لـ 3 من ديبلوماسيينا ليمثلوا طهران في منظمة التعاون الإسلامي» بجدة.

وأضاف زادة: «قدمنا قائمة من الاقتراحات للطرف السعودي وننتظر الرد. هناك حالة من عدم الثقة بين الجانبين، ونحاول رفعها من خلال الحوار».

ورغم الحديث الإيراني عن التحرك لعقد الجولة الخامسة من الحوار الرامية لإنهاء التوتر مع الرياض فإن زادة كشف أن طهران تعتزم إعلان تعيين سفير جديد لها لدى جماعة «أنصار الله» الحوثية في اليمن، بعد وفاة مبعوثها السابق حسن إيرلو، اثر إصابته بفيروس «كورونا».

في هذه الأثناء، حذر الرئيس الإيراني، من محاولات «مضمري السوء» الرامية إلى تدمير العلاقات المتنامية بين إيران ودول الجوار.

زيارة مادورو

إلى ذلك، كشف الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، أنه يعتزم السفر إلى طهران قريباً، لتسريع التعاون بين البلدين في جميع المجالات، بما في ذلك المشاريع الجديدة.

وأكد مادورو، الذي تخضع بلده لعقوبات أميركية على غرار إيران، أن فنزويلا ستسعى في العام المقبل إلى إعادة تفعيل آليات التعاون مع الدول العربية.