استبقت روسيا أول جولة من المباحثات حول الضمانات الأمنية مع الولايات المتحدة، وتعهدت بوضع حد لزحف حلف شمال الأطلسي «الناتو» نحو حدودها الشرقية، ولم تستبعد قيام «حرب صغيرة» في أوكرانيا.

ومع إعلانه عن أول جولة من المحادثات المباشرة بين الدبلوماسيين والعسكريين الروس والأميركيين بعد عطلة رأس السنة في 12 يناير، لمناقشة قائمة الضمانات الأمنية المطلوبة من «الناتو»، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الدول الغربية بالسعي إلى إثارة «حرب صغيرة» في أوكرانيا، قائلاً لقناة «سولفيوف لايف»: «لا أستبعد أن هذه الرغبة هي ببساطة تأجيج المشاعر العسكرية وشن حرب صغيرة ثم إلقاء اللوم علينا وفرض عقوبات جديدة لكبح قدراتنا التنافسية».

Ad

وأكد لافروف أن الولايات المتحدة ودول «الناتو» تضخ الأسلحة، وتتفاخر بأنها زودت أوكرانيا منذ عام 2014 بالذخيرة والأسلحة وأنظمة هجومية بقيمة 2.5 مليار دولار، مشيراً إلى «تقارير وردت في أكتوبر ونوفمبر عن تسليم أسلحة بما يقرب من مئة مليون دولار وأنظمة (غافلين) وأنظمة مضادة للدبابات وذخيرة».

ووصف لافروف حلف الأطلسي بأنه أصبح «مشروعاً جيوسياسياً بحتاً» لاستيعاب أراضٍ ظلت بلا مالك بعد انهيار حلف «وارسو» والاتحاد السوفياتي وكلمته لا مصداقية لها، لكنه طمأن بأن روسيا لا تصدر «إنذارات أخيرة» بشأن مدة المحادثات الأمنية، لكنها لا يمكن أن تكون بلا نهاية.

بدوره، اعتبر نائبه سيرغي ريابكوف أنه «يتعين على روسيا أن تضع حداً لزحف الناتو باتجاه الشرق وتوسيع بنيته التحتية وقدراته والحيلولة دون انضمام أوكرانيا إليه»، مؤكداً أنه «بعد كل هذه العقود من التطور الجيوسياسي، حيث تمتلك روسيا مصالح حيوية، نقول بكل حزم إننا نطالب بالتخلي رسمياً عن قرار قمة بوخارست (قمة الناتو) لعام 2008 التي قررت أن أوكرانيا وجورجيا ستصبحان عضوين في الناتو».

وقال ريابكوف: «نرغب في إضفاء طابع رسمي وبسرعة على تلك الاتفاقات التي قمنا بصياغتها على الورق، إذا كان الشرط المسبق من الجانب الأميركي هو تنفيذ إجراءات معينة على أراضينا، ستعجب واشنطن وعواصم الناتو الأخرى، أو يريد الأميركيون طرحه، بإملاء من كييف، كشرط لمواصلة العمل، فإن هذا الأمر لن يفلح».

وفي استخفاف بتهديدات نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس بفرض «عقوبات غير مسبوقة» على روسيا في حال تعديها على سيادة أوكرانيا، شدد لافروف على أن «روسيا لا تنوي إذلال نفسها ومطالبة الغرب برفع العقوبات ولم تطلب من أي شخص ذلك».

وأوضح لافروف أن رئيسها «جو بايدن وعد بذلك عدة مرات من قبل ولم تتحول روسيا إلى قلعة محاصرة»، مؤكداً أنه لا يؤمن بسيناريوهات العقوبات غير المسبوقة، بما في ذلك الانقطاع التام عن الغرب، وحظر سفر الروس وما إلى ذلك، وحتى لو تحقق هذا فسنجد الإجابة والرد».

وعلى الهواء، قالت هاريس، لقناة «سي بي إس» أمس الأول، رداً على سؤال عما إذا كانت «الحرب الساخنة» ستبدأ في أوروبا خلال أسابيع قليلة: «نتحدث مباشرة مع روسيا. ونوضح جداً أنه لا يجب أن تتعدى على سيادة أوكرانيا، وأننا ندافع عن سيادة أراضيها. ومستعدون لفرض عقوبات لم يسبق لها مثيل عليها».

وفي الوقت ذاته، أعلنت نائبة وزير الخارجية للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند، أيضاً عن إمكانية اتخاذ خطوات جديدة مناهضة لروسيا. وقالت في كييف: «نحن حاسمون في رسالتنا لموسكو. إذا أخذت خطوات لزعزعة استقرار أوكرانيا واعتدت عليها فستكون هناك خطوات اقتصادية خطيرة وعقوبات لم تحدث في الماضي».

وأكدت أن المفاوضات بشأن إقليم دونباس الانفصالي وصلت إلى طريق مسدود، بسبب عدم الامتثال للعديد من النقاط من اتفاقات مينسك. وفي الوقت ذاته، أعربت نولاند عن إمكانية تسوية الصراع شرق أوكرانيا.

وعلى الأرض، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن بدء المنطقة العسكرية الغربية أمس، تدريباً قتالياً على صد غارات جوية مكثفة وضمان حالة التأهب القصوى بمشاركة 10 آلاف جندي، مبينة أنها جرت في عدة مناطق مثل فولغوغراد وروستوف وكراسنودار وشبه جزيرة القرم التي ضمتها من أوكرانيا في 2014. وأشارت الوزارة إلى أن التدريبات أجريت كذلك في الأراضي البعيدة عن الحدود الأوكرانية، في ستافوروبول وأستراخان وشمال القوقاز، كما في أرمينيا وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.

وأضافت الوزارة أنه «من أجل ضمان حالة التأهب القصوى خلال احتفالات نهاية العام في المواقع العسكرية بالمنطقة العسكرية الجنوبية، سيتم تخصيص وحدات حراسة وتعزيزات وقوات لمواجهة أي حالات طارئة محتملة».