كثيراً ما يوجَّه إلي اتهام بالفرار من الكتابة السياسية، لأخوض في موضوعاتٍ بعيدة كل البُعد عمّا يجري من أحداث بالكويت، بل هناك مَن جرَّدني من التعايش مع الأحداث السياسية، وكأنني لم أعاصر السياسة منذ ستينيات القرن الماضي يوم شاركت في التظاهرات التي خرجت احتجاجاً على تزييف الانتخابات، أو عندما تم إيقاف العمل بالدستور، أو لم أشارك في التجمعات الوطنية التي كانت تُعقَد عندما يتم حلّ البرلمان تلو البرلمان، إلى أن تم إنشاء المجلس الوطني، بهدف إنهاء الحياة الديموقراطية... فقد كنت متفاعلاً مع الكثير من صراعات الستينيات، وما تلاها في السنوات الأخرى من أحداث سياسية. ورغم ابتعادي عن الوطن، عندما حلّت كارثة الغزو الصدامي، فإنني كنت أقوم بدوري الإعلامي من الخارج، بما يجب عليّ القيام به.
*** أما متابعتي لحياة كويت ما بعد التحرير، فسأقف أمام أهمّ ما كان يؤلمني متابعته، وتحديداً الخلافات المؤسفة التي نشبت بين بعض أفراد الأسرة الحاكمة، وما كان لها من آثار سلبية على المجتمع الكويتي، إذ أصبح لكل فريق منهم الأتباع الذين يناصرون هذا، وينافحون عن ذاك، وما ترتب على ذلك من فضائح الرِّشا بأرقامٍ فلكية لأناسٍ كان من المفترض أنهم يمثلون صفوة المجتمع، وإذا بهم يبيعون ضمائرهم أمام الأرصدة التي أودعت بأسمائهم، مما فتح الأبواب مشرعةً أمام استشراء الفساد الذي ساد في معظم أجهزة الدولة، وإذا بالوطن الذي كان يجب أن يتم بناؤه للتخلص من كارثة الغزو- مع الأسف- يتم تهشيمه بأيدي أبناء الوطن أنفسهم، وليس هذا فحسب؛ بل ظهر أن هناك مَن يقف وراء ظواهر كارثية مدمرة؛ كالطائفية، والقبلية، والعرقية.***وأقول لمن يطالبني بأن أكتب عن السياسة، قُل لي بالله عليك: عمّ أكتب، والجميع يعرف تمام المعرفة الأسباب الحقيقية لما يجري من أحداثٍ في الكويت؟ وما تغيرات الحكومات المتعددة، أو الانتخابات المتكررة، أو تغيّر المناطق بين فترة وأخرى، وحلّ البرلمان تلو البرلمان، سوى حلول ترقيعية لنفس المشكلة المزمنة... بل حتى تأخير تشكيل الحكومة المنتظرة، هو عبارة عن بالونات لإشغال الناس عن مواجهة المآزق المتراكمة، والتي لا أحد يملك الشجاعة ويجرؤ على مواجهتها، وما أقصده بالشجاعة (الأحزاب)، نعم إعلان تنظيم الأحزاب، التي هي في الأساس موجودة بمسميات أخرى، والحكومة تعلم ذلك جيداً.وعلى سبيل المثال، فإنّ الحكومة تعاملت مع الإخوان المسلمين عقوداً من الزمن، وهي تعلم أنهم حزب.**** فإذا أُعلن تنظيم الأحزاب، واتُّخِذت فيه كل الإجراءات التي تُعطي كُلّ ذي حق حقه، حيث تضمن حقوق مَن يخشون قيامها، وأنه لن يُفرّط في حقوقهم، فسيُحَل الكثير من المشاكل، ويعيش الجميع في ظل ديموقراطية حقيقية... بعيداً عن ترقيع سياسي يتخذ مسمى ديموقراطية… فمتى يا كويت؟!
أخر كلام
حتى متى يا كويت؟
28-12-2021