تبلورت محاولتان إقليميتان، على مسارين منفصلين، لكنهما تلتقيان في غاية ترمي لاحتواء وعقلنة السلطات الإيرانية، الخاضعة لهيمنة التيار المتشدد، والتي يهدد عنادها بجر المنطقة إلى انفجار عسكري، في ظل مواصلة طهران تطوير برنامجها الذري وتلكُّئها في التوصل إلى تفاهم في مفاوضات فيينا، التي انطلقت جولتها الثامنة أمس، لإحياء الاتفاق النووي، إضافة إلى تعثر حوارها مع السعودية لإنهاء الخلافات.

وفي المسعى الأول، كشف مصدر رفيع المستوى بالخارجية الإيرانية أن وزير الخارجية العراقية فؤاد حسين حمل معه، خلال زيارته الطويلة لطهران، مقترحين للوساطة بين الجمهورية الإسلامية والسعودية من جهة وبينها وبين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من جهة أخرى.

Ad

وأوضح المصدر أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وافق فوراً على مقترح العراق بعقد جلسة تجمع مسؤولين إيرانيين وسعوديين في بغداد، وأكد أنه مستعد شخصياً للحضور ولقاء الملك سلمان بن عبدالعزيز أو ولي عهده الأمير محمد، من أجل نسيان الماضي وفتح صفحة جديدة بالعلاقات. كما اقترح عقد قمة إسلامية للمصالحة ببغداد، لأن «السنوات الماضية كانت مرّة للجميع».

وأضاف أن حسين أشار إلى أن السعوديين يرغبون في حل المشاكل عبر الحوار، مع الاستعداد لعقد جولة خامسة من المباحثات.

من جهة ثانية، بيّن المصدر أن رئيس الدبلوماسية العراقية عرض مقترحاً آخر أساسه وساطة عراقية بين طهران والولايات المتحدة، لعقد اجتماعات سرية في بغداد، تمكن البلدين من بحث خلافاتهما وجهاً لوجه، بهدف دفع مفاوضات فيينا، وحلها، مشدداً على أن عدم إجراء نقاش مباشر سيؤدي إلى فشل المفاوضات النووية التي تشارك فيها واشنطن بشكل غير مباشر.

وعزز حسين رؤية بغداد لفك عقدة إحياء الاتفاق النووي، بتأكيده أن بغداد شاورت أطراف مفاوضات فيينا، المتعثرة، فأيدت مقترح العراق بضرورة عقد اللقاء المباشر لتجاوز النقاط الخلافية بين طهران وواشنطن حول إعادة القيود الذرية على البرنامج النووي الإيراني، مقابل رفع العقوبات الأميركية المفروضة عليها.

ورغم أن رئيسي جدد موقف بلاده المبدئي وموقفه الشخصي برفض الجلوس على طاولة مفاوضات مع «دولة لا تحترم ما توقع عليه»، فإنه وعد بعرض المقترح على المرشد علي خامنئي وإعطاء الجواب فيما بعد، احتراماً للضيف العراقي.

وبموازاة اختتام زيارة أول وزير خارجية عراقي لطهران، منذ تولي رئيسي السلطة، بحث وكيل وزارة الخارجية العمانية الشيخ خليفة الحارثي مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، أمس الأول، قضايا إقليمية ودولية شملت مفاوضات فيينا.

وخلال اجتماعه بالمسؤول العماني الرفيع، في طهران، أكد عبداللهيان الحرص على تعزيز العلاقات وتحسينها مع الجيران، مشيداً بـ«المكانة الخاصة للسلطنة بين دول الجوار».

وشدد الجانبان على ضرورة تبنّي الحلول السياسية في اليمن، وحاجة دول المنطقة إلى الحوار فيما بينها.

وجاءت إشادة عبداللهيان بمسقط، التي لعبت دوراً بارزاً واستضافت مفاوضات سرية بين الإيرانيين والأميركيين قبل توقيع الاتفاق النووي عام 2015، بعد ساعات من لقاء جمع رئيس الوفد الإيراني المفاوض علي باقري كني والحارثي.

طهران - فرزاد قاسمي