في ثاني تحرك لفرض قواعد اشتباك جديدة حتى في مراكز ثقل القوات الروسية في سورية، هاجمت إسرائيل للمرة الثانية، فجر أمس، مرفأ محافظة اللاذقية، الذي يبعد مسافة صغيرة عن قاعدة «حميميم» الجوية، في وقت استيقظت العاصمة السورية على دوي انفجارات لعبوات ناسفة.

وقال مصدر عسكري، لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، «نحو الساعة 03.21 من فجر امس، نفّذ العدو الإسرائيلي عدواناً جوياً برشقات من الصواريخ من عمق البحر المتوسط غرب مدينة اللاذقية، مستهدفاً ساحة الحاويات في الميناء التجاري في اللاذقية»، موضحاً أنّ القصف أدّى إلى «أضرار مادية كبيرة» واندلاع حرائق يتم العمل على إخمادها.

Ad

وأوضح قائد فوج إطفاء اللاذقية الرائد مهند جعفر أنّ «المواد المستهدفة في الحاويات عبارة عن زيوت وقطع غيار الآليات والسيارات». وأفادت «سانا» بتضرّر مشفى وبعض المباني والمحال التجارية المجاورة للمرفأ جراء القصف. وأظهرت صور حاويات مبعثرة ونيراناً مندلعة بينها، يعمل عناصر الإطفاء على إخمادها.

ويعد قصف إسرائيل هو الثاني على ميناء اللاذقية، الذي يعد من أهم موانئ سورية التجارية، وتقع قاعدة حميميم الجوية الروسية على بعد 20 كيلومترا منها، بعد استهدافها للمرة الأولى في 7 ديسمبر، شحنة أسلحة إيرانية مخزّنة في ساحة الحاويات.

وأوضح المرصد السوري أن القصف الإسرائيلي استهدف «حاويات تضم أسلحة وذخائر لا يُعلم ما إذا كانت إيرانية المصدر»، وأدى لسقوط قتيلين وجريحين في مرفأ اللاذقية الحيوي.

وأكد المرصد أنه الهجوم تسبّب في «انفجارات عنيفة ترددّ صداها في مدينة اللاذقية وضواحيها، واشتعال النيران ووقوع أضرار مادية كبيرة في المرفأ والمباني والمنشآت السياحية المحيطة به»، مشيراً إلى أن فرق الإطفاء لم تتمكّن حتى صباح أمس من السيطرة على النيران، وسط خشية «من الذخائر التي تنفجر تباعاً».

الصمت الروسي

وأثار القصف العديد من ردود الأفعال من قبل موالين للرئيس بشار الأسد، واستهجنوا فيها الصمت الروسي حيال القصف. وكتب رئيس اتحاد الغرف الصناعية، فارس الشهابي، في تغريدة، «يحتاج شخص ما لإخبار الرئيس فلاديمير بوتين بأن الاستياء الشعبي السوري من روسيا يرتفع بشكل صاروخي، بسبب الهجمات الإسرائيلية المتكررة في ظل صمته!، وبالنسبة لنا الأمر لا يتعلق بالضغط على الأسد بل بسلامتنا وكرامتنا!».

وامتد الانتقاد إلى مؤثرين ومشاهير سوريين، إذ قال لاعب المنتخب السابق زياد شعبو، عبر صفحته في فيسبوك، «إن شاء الله ما يكونوا انزعجوا وخربت سكرتن بالقاعدة»، وذلك بإشارة إلى حميميم. فيما اعتبر آخرون أن ما حصل من استهداف الإسرائيلي للميناء هو «تقاعس الحلفاء»، وهو «تحدٍ للروسي أكثر منه السوري».

انفجار دمشق

وبعد ساعات، أفادت وكالة «رويترز» بسماع دوي انفجار في العاصمة دمشق، وأوضحت وكالة الأنباء السورية أن «صوت الانفجار الذي سمع في دمشق ناتج عن تفجير وحدات الجيش عبوات ناسفة من مخلفات الإرهابيين في مزارع العب بمنطقة دوما في ريف دمشق».

وخلال الأعوام الماضية، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية في سورية، مستهدفة مواقع للجيش وأهدافاً إيرانية وأخرى تابعة لميليشيات «حزب الله» اللبنانية. واكتفى الجيش الإسرائيلي، الذي كثّف مؤخراً وتيرة ضرباته بالقول، «لا نعلّق على تقارير ترد في وسائل إعلام أجنبية».

ومنذ بداية العام، أحصى المرصد السوري تنفيذ اسرائيل قرابة 30 استهدافاً في سورية، عبر ضربات جوية أو صاروخية، تسبّبت في مقتل 130 شخصاً، هم 5 مدنيين و125 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها و«حزب الله» والقوات الإيرانية والمجموعات الموالية لها.

ثروات الجزيرة

على صعيد آخر، اتهم وزير الخارجية فيصل المقداد القوات الأميركية وميليشيات سورية الديموقراطية (قسد) المدعومة منها، بمواصلة سرقة ثروات سورية في منطقة الجزيرة من نفط وقمح وقطن.

وقال المقداد، في مقابلة تلفزيونية أوردتها «سانا» مساء أمس الأول، «إن ممارسات هذه الميليشيا الانفصالية مرفوضة، وأن سورية لا يمكن أن تقبل بفصل ولو ذرة تراب عن أرضها، وعليهم عدم المراهنة على واشنطن، فهذه الأرض الغالية لكل السوريين».

وأشار المقداد إلى أن «ميليشيا قسد تحتجز نحو 60 ألف شخص في مخيم الهول بدعم أميركي وتسرق المساعدات المقدمة لهم، وتبتز الدول التي لديها إرهابيون في المخيم مالياً مقابل استعادتهم».

وذكر وزير الخارجية السوري أن «معظم الموجودين في المخيمات غير سوريين أرسلهم أعداء سورية لاستهداف شعبها، وأنه يجب إغلاق هذه المخيمات بشكل نهائي، وعلى الدول الأوروبية استعادة إرهابييها وعائلاتهم». وأوضح المقداد أن «سورية صمدت وقاومت وحققت إنجازات كبيرة في الحرب على الإرهاب لكن التنظيمات الإرهابية لاتزال تنتشر على أجزاء من أراضيها، ولهذا فإن الحرب على الإرهاب متواصلة حتى القضاء عليه بشكل نهائي».

ومضى المقداد بقوله: «تنظيم جبهة النصرة الإرهابي مازال ينتشر في شمال غرب سورية بدعم من النظام التركي، وتنظيم داعش في الشمال الشرقي بدعم من قوات الاحتلال الأميركي»، لافتاً إلى أن «تركيا تحتل أجزاء من الأراضي السورية، وتقوم بتتريكها، وتحمي المجموعات الإرهابية في انتهاك لتفاهمات أستانا». وأكد المقداد أن «سورية ستحرر هذه الأراضي سواء إدلب أو المناطق الشمالية على الحدود السورية- التركية». وذكر أن الإجراءات الاقتصادية القسرية التي تفرضها الولايات المتحدة ودول غربية على الشعب السوري هي غير شرعية، وهدفها تحقيق أجندات هذه الدول، مبيناً أنه عندما فشل أعداء سورية في تحقيق أهدافهم عن طريق الإرهاب والقتل لجأوا إلى عرقلة الحل السياسي، لأنه لا مصلحة لهم في استقرار الأوضاع فيها.

وشدد على أن «سورية ترفض تسييس الغرب موضوع المساعدات الإنسانية التي يجب أن تصل إلى مستحقيها دون تمييز، مع ضمان عدم وصولها إلى الإرهابيين»، مؤكداً أن «الدولة السورية هي الأحرص على مواطنيها، وتقوم بإيصال المساعدات الإنسانية ولقاحات «كورونا» إلى كل المناطق، لكن الغرب يتلاعب بالمساعدات، ويجعلها أداة في الحرب على سورية».