هوامش آخر السنة
مع قرب انتهاء هذه السنة الميلادية، وجب على الكل سواء كان فرداً أم كياناً مؤسسياً، أن يقوم بمراجعة ما قام به خلال الاثني عشر شهراً الماضية مروراً بالمهام والإنجازات والإخفاقات، والقيام أيضا بمراجعة تحليلية قائمة على نقد الذات بهدف البناء الأفضل للمستقبل، وهذه الأيام أيضا تتزامن مع مرور سنة كاملة من عمر البرلمان الكويتي منذ أن تم انتخابه في ديسمبر الماضي إلى يومنا هذا، ولن أقول إن السنة الماضية كانت حبلى بالأحداث والدراما و"الهواش" لأن هذه الأوصاف تسبغ عليها هالة غير صحيحة دون غيرها من الأيام، ولكن في حقيقة الأمر وخصوصاً إذا ما راجع الفرد نفسه وفكر بتأنٍّ سيجد أن الأحداث الكويتية متصلة ببعضها في آخر السنوات، وكلها نتائج حتمية لمشاكل أعمق من ظواهرها.عموما ولكثرة الأحداث التي وجب أن يعلق عليها الفرد في آخر الأيام ولقرب انتهاء السنة، ارتأيت أن أقوم بكتابة عدد من التعليقات أسميتها، وعلى عادتي، (هوامش) على أمل أن يتم طي صفحة هذه السنة، وأن تبدأ السنة الجديدة بروح جديدة أيضا مليئة بالطاقة الإيجابية، وبعيداً عن الاحتقان في قضايا الشأن العام، وكل عام والجميع بألف خير ويمن وبركات، وتكون سنة جديدة قادمة مليئة بالإنجازات على كل المستويات والصعد.الأزمة أعمق من تشكيل حكومة تخرج من الأربعين!! تشكلت الحكومة الجديدة في لحظات كتابة هذه السطور ونحن على مشارف الأربعين يوما منذ حلها، وفي واقع الحال كانت الوزارة في الأيام الماضية لتصريف العاجل من الأمور فقط لا غير في الدولة، وها قد تشكلت الوزارة الجديدة وأعلنت ولكن هذا ليس بالحل وليس بالمرجو، ولن يغير في الخريطة السياسة أي شيء!! نعم، لن يغير أي شيء لأن الأزمة أعمق من هذا كله، وليست متصلة بأسماء وشخوص الوزراء الجدد (أو المعاد توزيرهم) بل هي متصلة بنهج إدارة البلد بشكل عام، لأننا ببساطة قد شاهدنا هذا الفيلم سابقا مراراً وتكراراً وبالسيناريو نفسه وفريق الإعداد والإخراج.
تأخير إعلان الحكومة الجديدة ووزرائها ليس إلا دليلاً على أن سمو رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد في حيرة من أمره، ولا يستطيع أن يقرر ويستقر على اختياراته، وهذا لن يكون إلا بسبب اجتهاده في إيجاد فريق حكومي يشكل له خط دفاع أول وأخير أمام القادم من الأيام، وبأن الضغوط من حوله أكبر بكثير من قراره في تشكيل الحكومة، وهكذا تدور المسألة في حلقة مفرغة و"لا طبنا ولا غدا الشر!"، وما يدلل على هذه النظرية الآن هو دخول ثلاثة نواب من كتلة الـ31 ليصبح مجموع النواب بحقائب وزارية هو أربعة بالتمام والكمال!كل هذا طبعا متوقع لأن رئيس الوزراء في الكويت لا يضع خطة فنية واضحة المعالم، وعليه أن يختار من قرابة المليون وأربعمئة ألف نسمة من هم أكفاء لتنفيذها، بل تكون المحاصصة هي النهج والطريقة المثلى، وقد قالها أحد أعضاء مجلس الأمة الحالي و"بالفم المليان"، لقبيلتي كرسي قادم في الحكومة!! وكأن هذا التصريح مدعاة للفخر ولكن "الشرهة على من أوصلك لكرسي المجلس". على أية حال، ها قد خرجت الحكومة الجديدة من بعد "الأربعين" وإن لم يتغير النهج فلن نتوقع إلا مشاكل أكبر وتأزيماً أكثر، واللهم اجعل كلامي خفيفاً عليهم، ومبارك خروجك من الأربعين يا حكومة. الأرنب والأسد والثعلب والتنين!! نستمر ونحن نطلق الألقاب على أعضاء البرلمان بناء على مواقف فردية في مجلس الأمة، وفي الوقت نفسه نضحك نحن على أنفسنا، ونضحك العالم من حولنا على هذه المهازل، فكل هذا بسبب أن العمل البرلماني في الكويت "أعرج" و"أعور" ويعاني فقر دم مزمناً في ظل نظام عمل فردي وتقسيم للدوائر الانتخابية غير صحيح، ونظام انتخابات بصوت واحد مجزوء، فإذا قام أحدهم بالصراخ أطلقنا عليه لقب "أسد" وإذا قام بمناورة سياسية أصبح "ثعلباً"، وإن هادن وداهن أصبح "أرنباً"، وكل هذا إلى أن نواجه المشكلة الحقيقية، ونعترف أننا بحاجة إلى عمل حزبي منظم وإلا خرج علينا الحيوان الأسطوري "التنين" في المراحل القادمة من عمر المجلس. الإنسانية ممارسة لا لقب، والدليل انتحارات البدون، أوليس هذا بدليل كاف؟!! ازدادت حالات الانتحار بين الكويتيين البدون مؤخرا وآخرها حادثة جسر جابر منذ أقل من أسبوع، والداخلية مازالت تبحث عن الجثة، ويرجع هذا بالأول والأخير لسياسات ضغط عليهم بحجة إظهار مستنداتهم وأوراقهم التي يخفونها!! لا أعتقد أن أي أحد لديه أوراق تريحه من شقاء الحياة وتخفف عليه وعلى أسرته إلا وقد كشفها منذ زمن بعيد، والأهم وما لا أفهمه أنا أو غيري هو: لمَ لا تقدم كل هذه الدلائل والقرائن ضدهم وتجعل القضاء الكويتي الشامخ هو الفصل في المسألة؟ الكويت بلد الإنسانية، فعليها أن تنفذ كل ما يتصل بهذا اللقب من التزامات ومسؤوليات تجاه هذه الفئة المهمشة في المجتمع. العفو محلي أم مستورد؟! اعتذر مركز "رينوسانس" عن الخطأ الذي أورده في إحدى ترجماته وعلى خلفية تصريح سفارة عمنا "سام" في البلاد، بأن العفو عن السياسيين المهجرين كان جهداً كويتياً خالصاً ولا علاقة له بالولايات المتحدة الأميركية، وفيما يتعلق بالخطأ من المركز فلا تثريب عليهم والاعتذار من شيم الكبار، ومن لا عمل لا يخطئ، ولكن حقيقة الأمر أن مطالبات العفو لم تكن للسياسيين المهجرين فقط بل كانت لكل من هو خارج البلاد ومهجر بسبب أحكام متصلة بآرائه السياسية وخلافه، ما يهمنا في العفو هو أن يعود أبناؤنا من المهجر وأن تتسارع أعمال لجنة العفو الآن. هامش أخير: المؤشرات الأولية تشير إلى أن الحكومة الجديدة قد ولدت ميتة، فهل هي حكومة حل ومن ثم انتخابات بدوائر عشر؟!