شغفي بالقراءة والكتابة عن المسيحيين في الكويت ليس وليد اليوم، بل يلازمني منذ أوائل التسعينيات، وكنت على الدوام وقبل ذلك على اطلاع ومعرفة بما ينشر أو يكتب، ولي مساهمات في هذا الموضوع كان منها كتابي "المسيحيون في الكويت" باللغة العربية عن دار ذات السلاسل، ثم ترجم إلى اللغة الإنكليزية.

استغرق الكتاب مني نحو السنتين في البحث والإعداد وإجراء اللقاءات والعمل الميداني، شاركني فيه الباحث والزميل عاصم البعيني، وكان بشهادة من قرأه وكتب عنه في معظم الصحف الكويتية والعربية، إضافة جديدة إلى الباحثين والمهتمين، وبات أحد المراجع المهمة، ولم تتوقف اهتماماتي وقراءاتي عند صدور الكتاب بل استمرت إلى يومنا هذا، وكلما وقع نظري على معلومة أو بحث أو مقالة أو كتاب حرصت على ما مطالعته لأرى ما هو الجديد الذي يمكن الاستفادة منه وأقتنيه في مكتبتي الخاصة.

Ad

قبل أسبوع حصلت على نسخة من "الكتيب" الصادر عن مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية "سلسلة دراسات مترجمة" 2021، بعنوان "الأقليات المسيحية في الكويت"، تأليف وترجمة أ.د عبدالله محمد الهاجري، وهممت بقراءته، لكنني توقفت أمامه، ثم أعدت القراءة مرة ثانية وكانت لي مجموعة ملاحظات وجدت من المناسب الكتابة عنها، تعميماً للفائدة.

في مقدمة البحث، وكان مستغرباً هذا الكلام أن يصدر من الباحث والدكتور والأستاذ عبدالله الهاجري "أنه لا يوجد على حد علمي دراسات تناولت هذا الموضوع بشكل مفصل أو شمولي في تاريخ هذه الأقلية ووجودها على أرض الكويت".

الحقيقة لم أتوقع أن يصدر هذا الكلام من أستاذ أكاديمي له باع طويل في البحث والكتابة والتأليف، فهناك العديد من المصادر والدراسات والكتب ذات الصلة وعلى رأسها كتابنا "المسيحيون في الكويت"، إضافة إلى كتاب "الكنيسة المسيحية– الحرية الدينية في الخليج– أندرو تومبسون والصادر عام 2010"، وكتاب عن الجماعة المسيحية لـ"مالايالي– الكويت" وباللغة الإنكليزية، وكتاب من "نافذة الأميركاني" ترجمة د. زبيدة أشكناني عن تقارير مستشفى الإرسالية الأميركية والمجلد الذي ترجمته د. غادة الحجاوي القدومي، والصادر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب- كريستين جيسين عام 2011.

صحيح أن بعض تلك الكتب أشار إليها في الهوامش وليس كلها، لكن ما لفت نظري أو بالأحرى آلمني أن ما وجدته كان غير مناسب إطلاقاً وخارجا عن المألوف كما في الصفحة 39 وفي الهامش، حيث قام بنقل بعض الفقرات من موقع إلكتروني يسمى "الشبكة المسيحية" وأورد اسم كتابي، دون أن يكلف نفسه عناء البحث عن الكتاب ومعرفة اسم المؤلف. ليس ذلك فقط، بل عندما استشهد بكتابنا في الصفحة (22) والخاص باليهود في الكويت، لم يذكر اسم المؤلف، فقد أورد اسم الكتاب هكذا "يهود الكويت وقائع وأحداث، دراسة حول هجرة يهود العالم العربي، ط1، الكويت ذات السلاسل– 2012، صفحة 45"! لن ندخل في جدال حول الالتباس بالمفاهيم والمصطلحات بشأن "الأقليات المسيحية في الكويت" ودراسة في تاريخ الأقلية المسيحية في الكويت، التي أشرت إليها كأحد المراجع في كتابي "المسيحيون في الكويت"، ولأول وهلة ظننت ومن خلال عنوان الدراسة الحديثة وهو "الأقليات المسيحية في الكويت" أنها أي الدراسة ستتخصص بالطوائف المسيحية من كاثوليك وأرثوذكس وبروتستانت وغيرهم من أتباع الديانة المسيحية، ممن يوجدون على أرض الكويت، لكن تبين لنا أن الباحث كان همه الأول طرح مجموعة أسئلة أخرى حاول الإجابة عنها شكلت صلب البحث وجوهره ومن أهمها: من هم المسيحيون الكويتيون؟ ومتى وكيف استقروا بها؟ وما عددهم ومذاهبهم وكنائسهم؟ وكيف يمارسون شعائرهم الدينية؟ وهل يتعرضون إلى تمييز أو تضييق؟ وكيف يتقبلهم مواطنوهم من الكويتيين المسلمين؟

أي أن البحث في مجمله كان يدور حول المسيحيين الكويتيين فقط لا الأقليات المسيحية التي تعيش في الكويت.

نشاطر الدكتور عبدالله الهاجري شكواه من قلة المصادر والدراسات، لكننا نعتقد أن قيمة البحث والدراسة تكمن في القدرة على توفيرها، ولهذا كانت أرشيفات ومراكز المعلومات الصحافية من المصادر التي لا غنى عنها، وهذا ما أقدم عليه الدكتور الهاجري، كذلك مضابط مجلس الأمة حول تجنيس المسيحيين الكويتيين وعددهم والنقاشات التي دارت حول تجنيسهم بخلاف الكتب ذات العلاقة والمرتبطة بتاريخ الوجود المسيحي.

● حمزة عليان