في زيارة ستكون الأولى من نوعها لرئيس للجمهورية الإسلامية منذ 2017 والأبرز للرئيس الأصولي المتشدد إبراهيم رئيسي منذ توليه السلطة في أغسطس الماضي، أكد مصدر في مكتب الأخير لـ«الجريدة» أن الترتيبات للتوقيع على معاهدة تعاون استراتيجي، طويل الأمد «20 عاماً»، بين طهران وموسكو انتهت، ومن المقرر أن يقوم رئيسي الذي أعلن، أمس الأول، قبول دعوة نظيره الروسي فلاديمير بوتين لزيارة روسيا بالتوقيع عليها.

وحسب المصدر، فإن الموعد الدقيق للسفر لم يتم تعيينه لكن الموعد المحتمل هو 18 أو 19 يناير المقبل، موضحاً أن الاتفاقية السابقة التي قام الرئيس الإيراني الراحل هاشمي رفسنجاني بالتوقيع عليها بين البلدين كانت تشمل خطوطاً عريضة في مجالات التعاون الثقافي والاجتماعي والاقتصادي بين البلدين، وكان فريق الرئيس السابق حسن روحاني قام بالإعلان عن تمديدها مدة 20 عاماً جديدة، لكن بعد وصول رئيسي إلى السلطة وافق على مقترح روسي ينص على توسيع التعاون ليشمل أموراً سياسية وعسكرية وتتحول من اتفاقية تعاون مشترك إلى معاهدة تعاون استراتيجي تشمل شتى المجالات الممكنة وتحول إيران وروسيا إلى دولتين متحالفتين على مختلف الصعد إلى حد كبير، وهذه المعاهدة ستكون أكثر شمولاً من الاتفاقية السابقة.

Ad

وأشار المصدر إلى أن الاتفاقية الجديدة تشمل أموراً عسكرية عديدة كانت حكومة روحاني تتهرب من بحثها مع الروس، منها العمل على إيجاد تحالف بين البلدين حيث تتعهد الدولتان بمساعدة إحداهما الأخرى بكل ما لديهما من إمكانات عسكرية ولوجستية في حال واجهت أي منهما هجوماً من طرف ثالث، على غرار اتفاقية التعاون العسكري الموقعة بين سورية وروسيا. وأضاف أن الاتفاقية تشمل إلغاء استخدام الدولار الأميركي في المعاملات التجارية بين البلدين، مع قيام مصارف البلدين بفتح خطوط اعتماد بالعملات المحلية.

ربط وتضامن

وفي مؤشر جديد على انحراف إيراني عن بوصلة المرشد المؤسس روح الله الخميني بـ «إقامة جمهورية إسلامية لا شرقية ولا غربية»، كشف المصدر أن شقاً بالاتفاق ينص على تعاون ثلاثي بين إيران وروسيا والصين لوصل جنوب إيران، المطل على ساحل الخليج، بشمال روسيا والبحر الأسود عبر خطوط سكة حديد سريعة السير. وحسب المصدر، فإن رئيسي أمر بمراجعة اتفاقية التعاون المشترك التي أبرمتها حكومة سلفه المعتدل حسن روحاني وتمتد ربع قرن، كي تتحول هي الأخرى إلى معاهدة تعاون استراتيجي بين البلدين، على غرار الاتفاقية المزمع عقدها مع موسكو. وأكد أن رئيسي سيناقش مع الروس تشكيل تحالف عسكري ثلاثي يضم بلاده إلى جانب روسيا والصين، على أمل أن يتوسع التضامن لمواجهة المد الغربي لحلف شمال الأطلسي «الناتو» باتجاه الشرق.

وأضاف أن مشروع التحالف العسكري ليس بالجديد، إذ سبق أن طرحته موسكو على طهران، لكن الحكومات الإيرانية السابقة كانت تتعلل بأن الدستور لا يسمح للجمهورية الإسلامية بالدخول في أي تحالفات عسكرية، مشيراً إلى أن الحكومة الجديدة وجدت مخرجاً قانونياً لتجاوز معضلة البند الدستوري وسوف تعمل من خلاله.

وأضاف المصدر أن الاتفاق يشمل تعاون الشركات الهندسية للبلدين وإفساح المجال أمام مشاريع بنى تحتية مشتركة في سورية «لتفادي الدخول بتنافس ضار على كعكعة الإعمار بدمشق».

من جانب آخر، بين المصدر أن الاتفاقية الجديدة تشمل تعاون البلدين في مجال استخراج النفط وقيام الشركات الروسية بمساعدة الشركات الإيرانية لاستخراج النفط والغاز وإعادة تأهيل منشآت إيران النفطية.

ولفت إلى أن الاتفاق الجديد يشمل فتح الجامعات الروسية للطلبة الإيرانيين في شتى المجالات وتدريب الكوادر الهندسية والطبية بمختلف التخصوصات العلمية المتطورة في موسكو.

وأضاف أن الاتفاق يشمل السماح للروس بالاستفادة من الأراضي الإيرانية لزراعة محاصيل تحتاجها موسكو، ولا تستطيع زراعتها على أراضيها بسبب المناخ، ومساعدة روسيا لإيران في تجارب تحميل الغيوم الماطرة لزيادة هطول الأمطار إضافة إلى نقل تكنولوجيا وأجهزة ومعامل زراعية حديثة إلى طهران.

وكان الرئيس بوتين أعرب في ديسمبر الجاري، عن أمله أن يلبّي رئيسي دعوته لزيارة موسكو، التي تربطها علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية واسعة بالجمهورية الإسلامية، بهدف مناقشة حواره مع الأميركيين بشأن «المشكلة الإيرانية».

إلى ذلك، جدد المفاوضون الأوروبيون في فيينا، أمس، تحذيرهم من أن الخطوات المتسارعة للبرنامج النووي الإيراني شارفت على الوصول إلى نقطة تفرغ الاتفاق الموقع عام 2015 من مضمونه.

وأضاف المفاوضون في إيجاز، أن الوقت المتاح أمام محادثات فيينا لإحياء الاتفاق، بات أسابيع وليس شهوراً.

وشدد المفاوضون على ضرورة العمل المكثف لمناقشة القضايا الخلافية الجوهرية، والتوصل لحلول عملية لها.

وعبرت الولايات المتحدة عن حذرها إزاء التصريحات المتفائلة من جانب إيران وروسيا بخصوص محادثات فيينا، قائلة إنه لا يزال من السابق لأوانه قول ما إذا كانت طهران قد عادت إلى المفاوضات بنهج بنّاء.

في السياق، أبلغ الجيش الإسرائيلي المستوى السياسي بأنه يصعب عليه تحديد نتائج وتأثير هجوم في إيران على البرنامج النووي.

وأفادت أوساط عبرية بأن تقديرات الجيش جاءت خلال استعراضه عدة سيناريوهات لهجوم محتمل ضد الجمهورية الإسلامية. وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى أن إيران طورت منظومة دفاعاتها الجوية في السنوات الأخيرة، بحيث أن هجوماً إسرائيلياً يتطلب قدرات أعلى وأكثر دقة. كما أن طهران نجحت في زيادة منظومتها الصاروخية للمدى الطويل، وضرب أي نقطة في إسرائيل، بشكل كبير.

ويُجري الجيش الإسرائيلي استعدادات للهجوم المحتمل، بعد إضافة تسعة مليارات من الشيكل إلى ميزانيته، في الأيام الأخيرة، من أجل تمويل شراء كميات كبيرة من الذخيرة المتطورة وتدريبات سلاح الجو وجمع معلومات استخباراتية حول أهداف دقيقة.

طهران - فرزاد قاسمي