مع نهاية اليوم الحادي والثلاثين من ديسمبر، يتم الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية 60 عاماً على تأسيسه، وقد احتفل بـ«اليوبيل الماسي»، مضيئاً شمعة جديدة في مسيرته الإنمائية التي أصبحت مفخرة كويتية بامتياز.

وعلى مدى 60 عاماً مضت، لم يتوقف الصندوق عن عطائه وجهوده في دعم قضايا التنمية بالدول النامية، إذ أصبح شريكاً في مسيرة التنمية الدولية، سواء من خلال القروض والمساعدات التي تقدمها الكويت، ويشرف عليها ويديرها، أو عبر تمويل إقامة مشروعات تمثل أولوية لدى حكومات الدول المستفيدة.

Ad

كما كان الصندوق حاضرا أيضاً في الأزمات الدولية الكبرى، مثل: أزمة اللاجئين السوريين، وأزمات إعادة إعمار لبنان، وغزة، والعراق. وحتى خلال ظروف فترة الغزو الغاشم الذي تعرضت له الكويت عام 1990، استمر في تأدية رسالته ومد يد العون والمساعدة للدول المستفيدة، والوفاء بالتزاماته تجاهها، متحدياً ظروف الغزو العراقي والدمار. وبهذه المناسبة، قدَّم المدير العام للصندوق مروان الغانم، باسمه واسم جميع العاملين في الصندوق، خالص تهانيه للكويت؛ أميراً وحكومة وشعباً، بمناسبة حلول العام الميلادي الجديد، وبدء الصندوق الكويتي عاماً جديداً في مسيرته التنموية.

وقال الغانم: «ونحن نحتفل بـ(اليوبيل الماسي) لتأسيس الصندوق، وتخليداً لانطلاق هذه المسيرة الحافلة بالنجاحات والإنجازات، لابد أن نستذكر بدايات التأسيس، حينما فكر المغفور له، بإذن الله، الشيخ جابر الأحمد، والذي كان يشغل منصب وزير المالية آنذاك، في إنشاء كيان يكون ذراع الكويت التنموية، لتترجم الفكرة على أرض الواقع، ويصدر مرسوم قانون إنشاء الصندوق في 31 ديسمبر 1961، كأول مؤسسة تنموية يعرفها العالم العربي في مطلع الستينيات».

وتابع: «يواصل الصندوق، ومنذ تأسيسه، تأدية رسالته النبيلة، والمُضي قُدماً نحو تحقيق تطلعات الكويت وقيادتها السياسية في مساعدة الدول النامية في جهودها الإنمائية، وهذه المناسبة فرصة لتأكيد عزمنا على مواصلة العطاء ودعم قضايا التنمية، كما أنها فرصة لاستذكار جهود الصندوق منذ إنشائه حتى إضاءة شمعته الجديدة».

وأضاف الغانم أن استراتيجية عمل الصندوق أصبحت تتضمن تمويل المشاريع التي تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، من أجل تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، وفي مقدمتها الحد من نسبة الفقر، إضافة إلى إعطاء مزيد من الأولويات لقطاع الزراعة، للإسهام في الأمن الغذائي، وأيضاً الاهتمام بتمويل برامج مشاريع بنوك التنمية المحلية والصناديق الاجتماعية، لدورها في دعم المشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم، وتوفير فرص عمل جديدة.

وأشار إلى أن مساهمات الصندوق تساعد الدول المستفيدة منها في تأسيس اقتصاد إنتاجي، يوفر فرص العمل، ويستفيد بالشكل الأمثل من الموارد الطبيعية، ويحمي البيئة، ويحسّن الصحة العامة للسكان، من خلال مساهمته في تنفيذ مشاريع البنية التحتية الأساسية الضرورية للتنمية الاقتصادية، وتحسين المنشآت الصحية والتعليمية اللازمة لتحقيق التنمية الاجتماعية، مبينا أن الصندوق قدَّم منذ إنشائه وحتى نهاية العام الماضي 1008 قروض، بقيمة إجمالية بلغت حوالي 6.7 مليارات دينار، سحب منها حوالي 5.4 مليارات دينار، وسدد 3.25 مليارات دينار بنسبة 60 في المئة، واستفادت منها 107 دول.

تطوير الآليات المالية

وأكد أن الصندوق استفاد من الخبرات المتميزة التي تراكمت لديه على مدى ستة عقود، وعمل على تطوير الآليات المالية المعتمدة في إدارته، وهو ما خفف الأعباء المالية عن الدولة، إذ يقوم منذ 1986 بعملياته معتمدا على التمويل الناتج من إيراداته وفوائد قروضه، مكتفيا بذلك بذاته، كما يقوم باستخدام جزء من إيراداته لدفع التزامات الكويت المالية تجاه المنظمات الدولية. إضافة إلى ذلك، فإنه يقدم جزءاً من أرباحه لدعم مسيرة التنمية داخل الكويت، حيث له إسهامات واضحة في القضية الإسكانية، من خلال تعاونه مع بنك الائتمان الكويتي، عبر شراء سندات أصدرت له بقيمة 500 مليون دينار منذ عام 2002 بفائدة 2 في المئة لمدة 20 عاما، لمساعدته في تلبية الطلبات الإسكانية.

وأفاد بأن الصندوق يقوم أيضا باستقطاع نسبة لا تجاوز 25 في المئة من أرباحه الصافية سنويا منذ 2003، تحول إلى المؤسسة العامة للرعاية السكنية لدعم مواردها، مضيفا أن قيمة المبالغ المدفوعة حتى تاريخه بلغت نحو 376 مليون دينار.

ونوه الغانم بأن للصندوق إسهامات محلية أخرى في مجال التربية والتعليم، مثل برنامج تدريب المهندسين والمعماريين الكويتيين حديثي التخرج، الذي أطلقه عام 2004، بهدف تنمية الكوادر الوطنية، حيث بلغ إجمالي عدد خريجي البرنامج، منذ إطلاقه حتى سبتمبر 2021، 789 متدربا ومتدربة.

وذكر أن الصندوق أطلق أيضا مبادرة «كن من المتفوقين» عام 2010، بالتعاون مع وزارة التربية، لتوعية الأجيال الجديدة بأهمية التعاون المشترك، مشيرا إلى أن الصندوق قام بترتيب زيارات لأكثر من 15 دولة لعدد 264 من الطلاب والطالبات المتفوقين.

وقال الغانم إن الصندوق قدَّم منحة بقيمة 30 مليون دينار لدعم جهود الحكومة الكويتية في التصدي لجائحة كورونا، وساهم على المستوى الخارجي في تخصيص 198.5 مليون دولار استجابة لتداعيات هذه الجائحة لمصلحة لبنان وفلسطين وأوزبكستان واللاجئين السوريين في لبنان عن طريق جمعية الهلال الأحمر الكويتي، وبعض المنظمات والمؤسسات الأخرى.

الاستراتيجية المستقبلية

وكشف الغانم أن الصندوق يقوم في الوقت الحالي، وبالتشاور مع مجلس إدارته، بدراسة تفعيل أداتين إضافيتين للتمويل نص عليهما النظام الأساسي للصندوق، هما: «تقديم الكفالات من أجل التنمية» و»المشاركة في رأسمال المؤسسات ذات الشخصية الاعتبارية في الدول النامية»، بهدف تشجيع القطاع الخاص في تلك الدول على المشاركة في تنفيذ المشاريع التنموية.

وأوضح أن هذا التفعيل يأتي ضمن أهداف الخطة الاستراتيجية (2020/ 2021-2034/ 2035)، والتي أعدها الصندوق بغرض وضع رؤية مستقبلية شاملة لنشاطه خلال مدة الخطة، مضيفا أنه يصاحب ذلك وضع خطط عمل لكل خمس سنوات (تغطي أولها الفترة 2020/ 2021- 2024/ 2025)، وتحتوي على تفاصيل الخطوات العملية لتحقيق أهداف الخطة الاستراتيجية للصندوق، على أن تُستخدم نتائج التقييم لمخرجات كل خطة عمل في تطوير خطة العمل التالية للصندوق.

وذكر الغانم أن الخطة الاستراتيجية المستقبلية (2020/ 2021 – 2034/ 2035) تشتمل على خمسة أهداف رئيسة، هي: «تعزيز الدور الريادي للصندوق الكويتي كمؤسسة إنمائية ثنائية عالمية»، و»المحافظة على الاستدامة المالية للصندوق»، و»تعزيز المسؤولية الاجتماعية للصندوق داخل الكويت، و»تنمية الموارد البشرية وحوكمة أنظمة العمل في الصندوق»، و»إظهار دور الصندوق الكويتي التنموي المميز داخل الكويت وخارجها».

وأكد الغانم أن الصندوق مستمر في دعم التنمية بالدول العربية والدول النامية الأخرى، وفقا لاستراتيجيته المستقبلية، معتمدا في ذلك على موارده الذاتية وخبرته العملية التي اكتسبها عبر السنوات الماضية، مع الحرص على أن يبقى دائما أحد الدعامات المهمة لخدمة السياسة الخارجية للكويت، من أجل تعزيز أواصر الصداقة بينها وبين الدول المستفيدة من مساعداته، وبما يخدم قضاياها ومصالحها، ويعزز مكانتها عالميا.