بالعربي المشرمح: انعدمت الثقة وأنتم السبب!
حيثما تنشأ الثقة وتتبلور مشاعرها في المجتمع ينشأ الاستقرار المجتمعي ويتمكن من تحقيق الإنجازات والتطور والرفاهية، ولقد خلصت عدة دراسات إلى أن الثقة التي تقوم على أساس متبادل بين الشعب ومؤسسات الدولة تحقق الاستقرار والإنجازات، أما في حال انعدام الثقة بين الناس ومؤسسات الدولة التي لا تعبر عن قيمهم ولا تحقق طموحاتهم وأمانيهم فالانهيار والركود نتيجة حتمية.سبق أن حذرنا من حالة العبث السياسي التي نعيشها، وطالبنا الحكومة بأن تعمل لاستعادة ثقة الناس بها، حيث سيكونون درعاً لها ويدافعون عنها، إلا أن حكوماتنا المتعاقبة لم تكترث وانشغلت بصراعاتها مع خصومها، الأمر الذي جعلها لا تحقق أي إنجازات أو تطور ملحوظ يشعر به المواطن الذي بات واضعاً ثقته الكاملة بنوابه وممثليه المنتخبين، ويحاول جاهداً أن يلقن درساً لكل من يخذله ممن يخون تلك الثقة.ورغم حالة العبث السياسي التي نعيشها والإحباط واليأس الذي سيطر على نفوس الناس فإن ثقة المواطنين كانت متعلقة ببعض الشخصيات الوطنية التي يعتبرونها أصواتهم المعبرة عن غضبهم مما يحدث، لكن ما حدث على الساحة منذ بداية انتخاب المجلس الحالي وحتى عودة المهجرين وتشكيل الحكومة كان القشة التي قصمت ظهر الثقة بين المواطن وممثليه، وطعنة مميتة في خاصرة الثقة بينهم، فالمواطن أصبح في حيرة من أمره، لم يعد يثق بحكومته ولا بنوابه، بل فقد الأمل حتى في دعاة الإصلاح، وهو الأمر الذي سيُحدث نكسةً كارثية في المستقبل لانعدام الثقة وقيمها بين الأفراد ومؤسسات الدولة، وقد يكون ذلك بسبب العبث المستمر منذ سنوات، والذي قد يكون مخططاً له من مؤسسة الفساد، لتتفرد بمقدرات الدولة وقراراتها.
عندما يفقد المجتمع ثقته بمؤسساته وبمن يعول عليهم لتحقيق آماله وتطلعاته فذلك خطرُ يصعب تجاوزه أو نسيانه، وسيؤثر في الجميع حتى أن الصادق سيكذب والأمين سيخون وسيكونون في دائرة الشك والظن. يعني بالعربي المشرمح:نحن نعيش في الزمن الذي قال عنه رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام: "سيأتِي على الناسِ سنواتٌ خدّاعاتٌ؛ يُصدَّقُ فيها الكاذِبُ، ويُكذَّبُ فيها الصادِقُ، ويُؤتَمَنُ فيها الخائِنُ، ويخَوَّنُ فيها الأمينُ، وينطِقُ فيها الرُّويْبِضَةُ. قِيلَ: وما الرُّويْبِضةُ؟ قال: الرجُلُ التّافِهُ يتَكلَّمُ في أمرِ العامةِ". وها نحن نعيش هذا الزمن بكل معانيه، فهل نستيقظ من عبثنا هذا ونعمل لنعيد ثقة الناس بمؤسساتهم الوطنية، ونقفز من هذا العبث إلى مرحلة الاستقرار والإنجاز؟