عشية استئناف مفاوضات فيينا الرامية لإحياء الاتفاق الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني، المبرم عام 2015، بعد توقف قصير للاحتفال برأس السنة الميلادية، أفادت أوساط إيرانية رسمية بأن روسيا والصين أقنعتا إيران بالتخلي عن بعض مطالبها الأساسية في المحادثات الذرية.وأكدت وكالة أنباء «نور نيوز» المقربة من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، ليل السبت ـ الأحد، أن «هذا النهج لا يعني الخضوع المطلق لوجهات نظر روسيا والصين، بل إن إيران عدلت مقترحاتها بالتشاور معهما».
تحسس وإجبار
وجاء التأكيد الرسمي بعد اتهامات وانتقادات داخلية لحكومة الرئيس إبراهيم رئيسي بـ«التفريط في السيادة الوطنية» لمصلحة موسكو، التي بدت كما لو كانت تتفاوض مع واشنطن بالنيابة عن طهران.وثارت تلك الاتهامات بعد تغريدة للمبعوث الروسي إلى محادثات فيينا ميخائيل أوليانوف، في حسابه على «تويتر» جاء فيها، أن «روسيا والصين أجبرتا إيران على التخلي عن بعض مطالبها القصوى، وأن محادثات فيينا استندت إلى مسودة تم التوصل إليها في ست جولات من المحادثات في عهد حكومة الرئيس السابق حسن روحاني».ونشر أوليانوف، صورة هامشية لاجتماعه مع روبرت مالي، كبير المفاوضين الأميركيين المشاركين بشكل غير مباشر في المحادثات النووية، في حين ذكر موقع «فردا» الإيراني المعارض، أن عدداً من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي اعتبروا صورة لقاء أوليانوف مع مالي في فيينا تذكر بالصورة الشهيرة لجوزيف ستالين زعيم الاتحاد السوفيتي السابق، وفرانكلين روزفلت رئيس الولايات المتحدة، وونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا في مؤتمر طهران عام 1943، ولم تتم دعوة شاه إيران إلى الاجتماع حينذاك، لذا أصبحت الصورة رمزاً للإذلال القومي للعديد من الإيرانيين، واعتبر المستخدمون صورة أوليانوف ومالي متشابهة. كما انتقد القائد السابق لـ«الحرس الثوري»، حسين علايي، نهج روسيا تجاه إيران، بما في ذلك الملف النووي. وأشار علايي إلى زيارة رئيسي المرتقبة لروسيا بهدف بحث توقيع معاهدة طويلة الأمد مع موسكو، وقال علايي، إن «روسيا استخدمت ورقة إيران في حل مشاكلها مع الولايات المتحدة ولم تعتبر إيران قط حليفاً استراتيجياً».رسائل مباشرة
في موازاة ذلك، تحدث سفير إيران السابق في النرویج، عبدالرضا فرجي راد، عن «رسائل مكتوبة» تم تبادلها بين الجانبين الإيراني والأميركي في فيينا، هي في الواقع بديل عن المفاوضات المباشرة، موضحاً أن تبادل الرسائل المكتوبة يوحي بأن التفاوض المباشر بين الجانبين محتمل. وتتعزز هذه الاحتمالية وتصبح متوقعة أكثر من السابق.وتوقفت الجولة الثامنة من محادثات إحياء الاتفاق النووي، التي كانت تعقد في فيينا، الخميس الماضي مدة ثلاثة أيام، بسبب نهاية عطلة العام، ومن المقرر أن تُستأنف اليوم.في السياق، أكد مصدر في الوفد الإيراني بمفاوضات فيينا لـ«الجريدة» أن الوفد الإيراني يعتقد بأن الأوروبيين «لا يقومون بأي عمل مفيد لتقريب وجهات النظر» بين إيران وإدارة الرئيس جو بايدن بالنسبة لعودتهم للاتفاق النووي.وأشار المصدر إلى أن طهران تتشكك بأن الأطراف الأوروبية تلعب دوراً سلبياً في فيينا بعد حديث فرنسي عن رفض نقل الرسائل من الإيرانيين إلى الأميركيين وعن بحث واشنطن ولندن وبرلين إمكانية إشراك إسرائيل في المفاوضات النووية، وإن بشكل غير مباشر على غرار الولايات المتحدة. واتهم المصدر الأطراف الأوروبية بتعمّد إخفاء رسالة أميركية «كان من الممكن أن تفك العديد من العقد في فيينا».وزعم المصدر أنه إثر ذلك، قررت طهران «حذف الأوروبيين» من اتصالاتها مع الأميركيين وطلبوا من الروس لعب دول الواسطة ونقل الرسائل.تهديد إسرائيلي
في غضون ذلك، جدد وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، تهديد الدولة العبرية بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية.وقال لابيد لـ«القناة 12» العبرية رداً على سؤال حول ما إذا كانت إسرائيل لديها قدرات لمهاجمة مواقع تخصيب اليورانيوم ومواقع الأسلحة الإيرانية: «لدى إسرائيل قدرات حيث العالم وحتى الخبراء، لا يستطيعون تخيلها. إسرائيل ستحمي نفسها من التهديد الايراني». وأضاف أن «إسرائيل تفعل كل ما بوسعها للدفاع عن أمنها ولا تحتاج إلى إذن من أحد. منذ اليوم الأول لتأسيس الدولة، كان الإجراء هو نفسه».وفي إشارة إلى استمرار محادثات فيينا بشأن الاتفاق النووي، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، إن المفاوضين لم «يستسلموا بعد لمطالب إيران»، مضيفاً: «إسرائيل ليست ضد اتفاق جيد، ولكن فقط ضد اتفاق خاطئ».وأشار إلى أن إسرائيل قدمت معلومات للقوى العالمية بأن الإيرانيين يكذبون بشأن برنامجهم النووي.على صعيد منفصل، كشف «الحرس الثوري» الإيراني أن تسعة أشخاص بينهم ثلاثة من قوات التعبئة، قتلوا خلال اشتباكات جديدة مع مسلحين في محافظة سيستان بلوشستان.