شهدت مواد البناء في الفترة الماضية ارتفاعات في أسعارها، وزيادة قياسية لبعضها؛ كان لها الأثر السلبي على سير وتيرة البناء والتشييد في البلاد، حتى اضطر العديد من المواطنين لتأجيل بناء قسائمهم السكنية المخصصة لهم من المؤسسة العامة للرعاية السكنية.ومع انتهاء عام 2021، والدخول في سنة جديدة، سألت «الجريدة» عدداً من أصحاب الاختصاص عن توقعاتهم بشأن أسعار وحركة الطلب على المواد خلال العام الحالي، حيث اتفق صناعيون على أن القطاع سيشهد طلباً مرتفعاً نتيجة توزيع العديد من القسائم على المواطنين في الفترة الماضية.
وذكروا أن الأحداث الصحية والإجراءات الاحترازية، التي تتخذها الدول لمواجهة متحورات كورونا، ستؤثر على أسعار المواد نحو الارتفاع، نتيجة زيادة تكاليف البناء وعدم سلاسة التوريد. وأوضحوا أن ارتفاع الأسعار يعني زيادة تكاليف البناء على المواطنين، ولابد للحكومة أن تراقب السوق، وتدعم المصانع لرفع طاقاتها الإنتاجية لتلبي احتياجات السوق المقبلة، وفيما يلي التفاصيل:قال رئيس مجلس إدارة شركة «سدير» للتجارة والمقاولات طارق المطوع إن جائحة كورونا وتداعياتها كان لها أثر سلبي على جميع القطاعات، ومنها قطاع مواد البناء، الذي شهد ارتفاعات خلال الفترة الماضية.وأفاد المطوع بأن العديد من المصانع قلصت طاقاتها التشغيلية، خلال فترة الجائحة لوجود عمالتها في الخارج وعدم قدرتها على العودة للبلاد، كما ساهمت الجائحة في زيادة تكاليف النقل، ووسط ارتفاع الطلب شهدت الأسعار طفرة كبيرة.وذكر أن هناك العديد من دول العالم عادت إلى التشدد في إجراءاتها الاحترازية، مع انتشار المتحور الجديد «أوميكرون»، وهذا ستكون له تأثيرات على القطاع خلال العام المقبل.وتوقع أن تشهد أسعار مواد البناء ارتفاعات تتراوح بين 5 و10 في المئة، كما أن التشدد بالإجراءات والإغلاقات يعنيان زيادة في تكاليف النقل، كما سيؤثر ذلك على حركة العمالة، في حين العودة إلى الحياة الطبيعية بعد هذا المتحور يتطلب وقتاً طويلاً.وأضاف أن الجميع يترقبون الأوضاع الصحية، وما ينتج عنها من إجراءات، وهناك العديد من العوامل تتحكم بأسعار مواد البناء، منها عامل العرض والطلب، إضافة إلى أسعار المواد الأولية، وتأثير الأحداث الصحية والسياسية والاقتصادية.وقال المطوع، إنه يفترض أن تكون لدى الحكومة خطة لمواجهة أي طارئ، إذ أصبح لديها الخبرة الكافية لمواجهة مثل هذه الأزمات، وعليها اتخاذ إجراءات لخلق التوازن في كل القطاعات الاقتصادية.وبين أن قطاع مواد البناء في الكويت يعتمد على المشاريع التنموية التي تطرحها الحكومة، إضافة إلى المشاريع الإسكانية، إذ تعتبر تلك المشاريع من المحركات الرئيسية للقطاع.
أجور العمالة
من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة شركة أملاك كابيتال القابضة محمود الجمعة إن هناك العديد من العوامل ستساهم في زيادة أسعار مواد البناء خلال العام الحالي، منها ارتفاع الطلب، نتيجة توزيع عدد كبير من القسائم على المواطنين من مؤسسة الرعاية السكنية.وأضاف الجمعة أن الظروف الصحية التي يمر بها العالم، ساهمت في رفع تكاليف النقل والمواد الأولية، متوقعاً أن تشهد الأسعار طفرة قياسية خلال العام الحالي، تتراوح بين 30 و40 في المئة، وخصوصاً للمواد الأساسية مثل الحديد.وأشار إلى أن الإجراءات المتشددة التي تتخذها الدول لمواجهة المتحور الجديد «أوميكرون»، مثل حَجر العمالة لدى عودتها إلى البلاد مثلاً، ستنعكس سلباً على أجور العمالة والمواد والنقل، إضافة إلى تأثيرها على الطاقات التشغيلية للمصانع.وأفاد بأن الارتفاعات الكبيرة في أسعار مواد البناء ستكون لها بلاشك تداعيات سلبية على المواطنين وعلى حركة البناء والتشييد، وقد تسببت في العديد من المشاكل خلال الفترة الماضية بين المقاولين والمواطنين.وتابع الجمعة، أن الحكومة يجب أن تكون لديها رؤية واضحة لمواجهة هذه الارتفاعات، وأن تضع آلية لتوزيع القسائم السكنية، إضافة إلى آلية لمشاريعها التنموية، لئلا يكون هناك طلب عالٍ في السوق على المواد، سيؤثر سلباً على الأسعار.توسع الاستثمار
بدوره، أفاد الخبير الصناعي أحمد النوري بأن أسعار مواد البناء شهدت خلال الفترة الماضية ارتفاعات بنسبة بلغت 10 في المئة تقريباً، موضحاً أن توسع الاستثمار في البلاد سيرفع الطلب على المواد.وقال النوري، إن التوجه نحو اتخاذ المزيد من الإجراءات المتشددة سينعكس على أسعار مواد البناء، لكن من المتوقع أن تشهد أسعار المواد انخفاضات موسمية خصوصاً في فترة الصيف، بسبب حرارة الجو وتفضيل العديد من المواطنين والمستثمرين التشييد والبناء خلال الفترات التي يكون بها الجو مناسباً.وقال النوري، إن توزيع عدد كبير من القسائم السكنية سيرفع الطلب وأسعار مواد البناء، وسيجبر المواطنين أن يلجأوا إلى قروض إضافية لتشييد منازلهم، مبيناً أن مفهوم الرعاية السكنية يجب أن يشمل توفير مواد البناء بأسعار مناسبة وليس فقط توفير أرضٍ وقرضٍ من بنك الائتمان.وأضاف أن الشريط الساحلي الجنوبي للبلاد يشهد طفرة عمرانية، وهناك العديد من المشاريع في طور البناء، وهذا سيساهم في زيادة الأسعار خلال الفترة المقبلة، إذ من المفترض أن يكون هناك نوع من التحكم لدى الجهات المعنية في منح تصاريح البناء، وأن يكون هناك تنسيق بين وزارات الدولة وإيجاد حالة من التوازن في القطاعات الاقتصادية.وذكر أن قطاع مواد البناء كغيره من القطاعات الأخرى المرتبطة بالأحداث العالمية، تأثر بجائحة كورونا وما تبعها من إجراءات احترازية التي اتخذتها مختلف دول العالم، مبيناً أن تعافي العالم من هذه الجائحة ومتحوراتها، سينعكس إيجاباً على هذا القطاع، وقد تعود الأسعار إلى سابق عهدها.