يُعتبر صندوق الكويت السيادي أول صندوق سيادي في العالم، ويعود تاريخ تأسيسه إلى عام 1953، وهو حالياً في المرتبة الثالثة- حسب تصنيف معهد صناديق الثروة السيادية- بعد صندوق التقاعد الحكومي النرويجي الذي هو أكبر صندوق للثروة السيادية في العالم بمجموع أصول تبلغ 1.3 تريليون دولار، يليه صندوق مؤسسة الاستثمار الصينية، الذي تبلغ أصوله تريليون دولار. وقد أعلنت الكويت في يوليو2021 أن عائدات الصندوق نمت بنسبة %33 خلال عام 2020، وأن إيرادات صندوق الأجيال لا تدخل في الميزانية بل يُعاد استثمارها من أجل الحصول على منفعة مستقبلية أكبر، بحيث يقوم الاستثمار على مبدأ وضع رأس مال مع توقّع الحصول على دخل إضافي وأرباح من خلاله لتأمين الدخل وزيادته بدلاً من الاعتماد على مصدر وحيد للدخل مثل النفط كما هي الحال في الكويت، فالاستثمار الحقيقي يقوم على تحليلات دقيقة وتوقعات معقولة ومحققة للربح، وهذه الإجراءات والمؤشرات لا تلغي وجود بعض المخاطر وفقدان بعض الضمانات في بعض الحالات، فالمستثمر الحقيقي لا يضع أمواله في أي استثمار عشوائي، بل يعتمد في ذلك على تحليلات دقيقة للسوق وقطاع الأعمال وأدوات الاستثمار التي يرغب الدخول فيها كالأسهم أو السندات أو صناديق الاستثمار المشتركة، أو العقارات بعد دراسة إيجابيات وسلبيات ومخاطر كل نوع منها.
فالاستثمار سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات أو الدول هو أحد أفضل الطرق لتنمية الثروات واستدامتها وتنويع مصادرها وتعظيم عوائدها في المستقبل، والدولة بحاجة لتحسين وتأهيل قطاعاتها المختلفة الجاذبة للمستثمرين وتسويقها في الداخل والخارج، من خلال وضع خطة استراتيجية لجذب المستثمر المحلي والأجنبي إلى تمويل مشاريع التنمية والبنى التحتية وتحويل مسار مليارات الدنانير الخارجة من الكويت إلى داخل الاقتصاد المحلي الذي يعاني من زيادة السيولة الخارجة منه بسبب ندرة الفرص الاستثمارية للمواطن والمقيم في مختلف قطاعات الدولة. لذا علينا أن نعالج الاختلالات الاقتصادية والتشريعية والاجتماعية والبيئية عن طريق تهيئة المناخ الاستثماري في البلد من خلال تمكين الكفاءات والاستعانة بخبرات الهيئة العامة للاستثمار والصندوق الكويتي للتنمية والمؤسسات الريادية في الدولة، لتحديد متطلباتهم التشريعية والمالية والبشرية والمستندية لإقامة بيئة أعمال في الداخل جاذبة لاستثماراتهم السيادية والمحلية، وذلك ضمن خطة استراتيجية ملزمة لدعم وتنمية الاستثمار في الاقتصاد الوطني بمختلف قطاعاته عبر صناديق متخصصة داعمة لكل قطاع حتى يتم تطويره وتجهيزه وتهيئته وتنظيمه وإزالة كل القيود أمام تلقي أموال الاستثمارات الخارجية والمحلية لضمان استدامة العوائد على رأس المال المستثمر في الوقت الحاضر والمستقبل. فالكويت فكرت في تنويع اقتصادها منذ بداية الخمسينيات فكانت الثمرة أول صندوق سيادي في العالم قبل أكثر من 68 عاماً، وما زالت هذه الاستثمارات تؤتي أكلها، فكانت السند عند الكوارث والعون عند الشدائد، لذا علينا أن نعيد تقييم أداء صناديقنا الاستثمارية، ونستكشف أسواق وقطاعات جديدة مستدامة تضيف قيمة عالية لأصول الصندوق حتى يعتلي قمة الصناديق ليصبح الصندوق السيادي الأول في العالم من حيث الثروة والأداء والأقدمية.
مقالات
بوصلة: الصندوق السيادي الأول في العالم
04-01-2022