تفاقم غموض العملية الانتقالية في السودان، مع تنحي الخبير الاقتصادي عبدالله حمدوك عن منصبه رئيساً للوزراء، بعد فشله في رهان التوافق والشراكة مع العسكريين من أجل قيادة السودان إلى الديموقراطية.

ودعت واشنطن إلى "ضمان استمرار الحكم المدني"، مؤكدة ضرورة أن يتم تعيين رئيس الوزراء والوزراء "بما يتوافق مع الإعلان الدستوري، وبما يلبي تطلعات الشعب للحرية والسلام والعدالة".

Ad

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، إنه بعد استقالة حمدوك، يتعين على القادة السودانيين "تنحية الخلافات وإنهاء العنف ضد المحتجين، والوصول إلى إجماع".

وكان حمدوك أعلن بعد إمهاله القوى السياسية 24 ساعة للتوافق، أعلن مساء أمس الأول استقالته من منصبه الذي تولاه بموجب اتفاق لتقاسم السلطة بين الجيش والمدنيين في أعقاب الإطاحة بالزعيم السابق عمر البشير عام 2019.

وأعلن حمدوك، الذي يحظى باحترام واسع في المجتمع الدولي، عجزه عن التوصل إلى توافق لدفع المرحلة الانتقالية إلى الأمام، داعياً إلى إجراء حوار للتوصل إلى اتفاق جديد.

وفي ظل انتشار شائعات وتقارير حول عدم عمله من مكتبه أياما عدة، أوضح حمدوك، الذي نجح في شطب ديون السودان ورفع العقوبات ضده، بإسهاب في خطاب بثّه التلفزيون الحكومي أن محاولاته لإيجاد التوافقات فشلت، مشيرا إلى أن السودان يشهد "منعطفاً خطيراً قد يهدد بقاءه".

وتباينت ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي في السودان حيال استقالة حمدوك، الذي حل قائد الجيش عبدالفتاح البرهان حكومته في أكتوبر وأعاده إلى منصبه بعد شهر بموجب اتفاق تضمن تكليفه بتشكيل حكومة كفاءات قبل انتخابات 2023.

وعبّر البعض عن حزنه إزاء خسارة زعيم قالوا إنه يتميز بالحكمة. في حين أعرب آخرون ممن لا يزالون غاضبين من عودة حمدوك بعد إجراءات الجيش عن إصرارهم على إنهاء الحكم العسكري.

وكشفت مصادر سودانية مطّلعة، أن الاستقالة جاءت بعد خلافات بين حمدوك والمجلس السيادي العسكري بسبب قرارات اتخذها رئيس الحكومة الانتقالية بعد عودته لمنصبه، تتعلق بإعادة مسؤولين مفصولين بقرار من رئيس المجلس عبدالفتاح البرهان.

وقالت المصادر إن من بين تلك القرارات، عودة السفراء الذين فصلهم البرهان، بسبب موقفهم الرافض لما وصفوه بـ "الانقلاب العسكري" الذي أطاح بحمدوك من منصبه في 25 أكتوبر الماضي، قبل أن يعود ثانية منذ 6 أسابيع.

وأشارت إلى أن من أبرز نقاط الخلاف كانت عودة رئيس التلفزيون السوداني لقمان أحمد، الذي فصله البرهان من منصبه، ثم أعاده حمدوك بقرار في 21 ديسمبر الماضي.

وذكرت أن المكون العسكري طالب حمدوك بالتشاور والتفاوض بشأن قرارات عودة المفصولين.

ولفتت المصادر السودانية إلى أن رئيس الوزراء المستقيل رفض عودة جهاز المخابرات العامة، وكذلك قرار إعادة صلاحيات بعينها للجهاز مثل سلطة الاعتقال.

وكان جهاز المخابرات، قال إن أمر الطوارئ الأخير الذي أصدره البرهان، والذي يتضمن منح الجهاز سلطات وصلاحيات جديدة بالإضافة إلى الحصانة جاء نتيجة "تدهور خطير" في البلاد، لافتا إلى أن الوضع السياسي الراهن "ينذر بكارثة".

وأكد أن "الحصانات والصلاحيات تعني حماية المؤسسات الوطنية من الاختراق، والحفاظ على إرثها التاريخي والحضاري وأمن وثائقها التي تمثل أخطر مهددات الأمن القومي"، مشيرا إلى أن الفترة المقبلة "ستشهد تنسيقا بين المنظومة الأمنية للتصدي لكل المخططات التي تجري لتمزيق السودان".

وجاءت استقالة حمدوك بعد ساعات من انتهاء أحدث جولة من الاحتجاجات الحاشدة ضد الجيش. وقالت لجنة أطباء المتحالفة مع حركة الاحتجاج، إن ما لا يقل عن 57 مدنيا قتلوا بسبب تدخل قوات الأمن للتصدي للمتظاهرين أو تفريقهم منذ انقلاب 25 أكتوبر. ومن المقرر تنظيم احتجاجات أخرى اليوم.