لا تشكلوا لجنة تحقيق برلمانية ولا حكومية ولا لجنة رؤية هلال رمضان أو شوال ولا غيره، فالنتيجة "تيش بريش"، أي لا نتيجة، فالخبرات السابقة التي يتعلم منها الإنسان العاقل لا معنى لها في بلد الفساد الهيكلي ينخره من ألفه إلى يائه، قولوا من الآن لا مسؤولية لما حدث من غرقة البلاد بالأمطار، شددي يا سلطة على دفاع محتواه أن هذا قضاء وقدر وقوة قاهرة لم نستطع مواجهتها ولم نتحسب لها، غير هذا ليس لكم غير الصمت.

تشكيل لجنة تحقيق برلمانية لن يكون مهمتها سوى تقديم وصفة إسبرين لمريض بالسرطان، في عام ٢٠١٨ سنة "الغرقة" الثالثة أو الرابعة، والعدد غير مهم ما دام الوعي السياسي بالمسؤولية غائباً عن الأغلبية، والمحاسبة الجادة بالتالي غير موجودة طالما السلطة هي السلطة، والوزراء الذين جاؤوا بالصدف السياسية ومحسوبيات أصحاب النفوذ، أو كانوا من أصحاب الذمة والكفاءات، لا يمكنهم عمل شيء في النهاية، لأن الفساد الإداري - السياسي المتمدد من أعلى السلم حتى أسفله أكبر وأقوى منهم.

Ad

في تلك السنة وقفت وزيرة الأشغال آنذاك جنان بوشهري، وقالت في كلمة استقالتها من حكومة "خلينا على طمام المرحوم" إن هذه ليست صالة نواب الأمة، بل هي تجمع مؤسسات وشركات وأصحاب نفوذ، وقبل ذلك، شكلت لجنة بناء على طلب عدد من النواب للبحث في أسباب "الغرقة"، وانتهى تقرير تلك اللجنة إلى مسؤولية عدد من الشركات والمكاتب الهندسية في بناء الطرق أو شبكة تصريف المياه، وقررت حكومة البخاصة معاقبة تلك الشركات بحرمانها من الاشتراك في المناقصات، ثم عادت اللجنة - "ربما" والله العالم بتوصية مباركة أيضاً من السلطة - إلى العفو عن تلك الشركات، وقالت "طاح الحطب" وعفا الله عما سلف!

لا حاجة إلى استدعاء الوزيرة رنا الفارس ولا جنان بوشهري ولا من سبقهما في منصب وزراء الأشغال، سواء كانوا مجتهدين أو خائبين، فلم يكن بإمكانهم أن يؤشروا مباشرة على جرح البلد النازف، وكل ما يمكنهم قوله هو أن "الشق عود" ولا أكثر. تمسكي بالصمت يا سلطة، فلن يحدث شيء غير المزيد من الخراب والدمار.

● حسن العيسى