في أول تحرك ميداني بعد انهيار اتفاق رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان ورئيس الحكومة عبدالله حمدوك باستقالة الأخير أمس الأول، تحت ضغط استمرار الاحتجاجات الشعبية، شارك آلاف السودانيين في مواكب حاشدة تمكنت من تخطي حواجز أمنية وأسلاك شائكة، وضعتها السلطات العسكرية بوسط العاصمة الخرطوم، ووصلت إلى محيط القصر الرئاسي أمس.

ووسط تحذيرات من تفاقم الأوضاع وزيادة غضب الشارع المطالب بالحكم المدني وتنحي العسكريين عن السلطة بالكامل بعد «انقلاب 25 أكتوبر الماضي»، انتشرت قوات الأمن في أنحاء الخرطوم والمدن المجاورة واشتبكت مع المحتجين واطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع في محاولة لتفريق الجموع الغفيرة التي توجهت صوب القصر الرئاسي.

Ad

واكتسبت المشاركة في احتجاجات، أمس، التي رفعت شعار «حتى يتحقق النصر» زخماً بعد يومين من استقالة حمدوك التي جعلت قائد القوات المسلحة عبدالفتاح البرهان في حالة انكشاف. ولم تفلح تدابير السلطات الأمنية التي زادت بشكل ملحوظ، أمس، وتضمنت إجراءات غير مسبوقة شملت إغلاق معظم مداخل وسط العاصمة والطرق المؤدية إلى القصر الرئاسي والقيادة العامة للجيش باستخدام الأسلاك الشائكة، في صد مسيرات الاحتجاجات التي دعت لها «لجان المقاومة» خارج جدول التصعيد الشهري الذي من المقرر أن يبدأ غداً.

وحثت بيانات صادرة عن «لجان المقاومة» المدنية، المشاركين في المواكب على «الالتزام بالسلمية وعدم الاحتكاك بالقوات النظامية، وتوحيد الهتافات ضد الانقلاب العسكري».

وساند «تجمع المهنيين» و«الحزب الشيوعي» مواكب الاحتجاج. واستنكر «تجمع المهنيين» قرار السلطة الأخير بزيادة تعرفة الكهرباء.

وذكر في بيان أنّ «النضال ضد الزيادات في الأسعار وغيرها من السياسات الاقتصادية المعطوبة والمعادية للشعب، في قلب معركة إسقاط تحالف المجلس العسكري الانقلابي وغطائه المدني».

وكانت قوى «إعلان الحرية والتغيير»، أكدت، في بيان لها، أمس الأول، أنّ استقالة حمدوك «نتاج طبيعي لإرادة الشعب، والتي لا يمكن تجاوزها أو تجاهل أولوياتها».

وأكدت «مضي قطار الثورة لهزيمة الانقلاب بعزم وإرادة الشعب»، داعية إلى «بناء أوسع جبهة لهزيمة الانقلاب، تشارك فيها كل قوى الثورة، لإنجاز المهمة». وفي وقت سابق، تمسك البرهان، بتشكيل حكومة مستقلة ذات مهام محددة، يتوافق عليها جميع السودانيين، مشيراً إلى «ضرورة العمل على تحقيق مهام الفترة الانتقالية التي تتمثل في تحقيق السلام وبسط الأمن ومعالجة قضايا الناس وقيام الانتخابات». إلى ذلك، أعرب الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط عن اعتقاده بأن التشاور المكثف والحوار البناء بين مختلف الأطراف في السودان هو الوسيلة الوحيدة وحجر الزاوية لحل الأزمة الحالية وتحقيق تطلعات الشعب في الاستقرار والتنمية والانتقال الديموقراطي. ونقل بيان للجامعة عن أبوالغيط أنه يتابع عن كثب المبادرات المختلفة التي تقدم بها عدد من الأحزاب والمكونات السياسية السودانية في الآونة الأخيرة بشأن معالجة تحديات الفترة الانتقالية.

وأضاف البيان أن أبوالغيط عبّر عن احترامه لقرار حمدوك بالاستقالة، وتفهمه للمبررات التي ضمنها خطاب الاستقالة، داعياً إلى ضرورة العمل سريعاً بين شركاء الوطن للتوصل إلى أرضية تفاهم «تسمح بالحفاظ على المكتسبات المهمة التي تحققت خلال العامين الماضيين» عقب إزاحة الرئيس السابق عمر البشير.