الصين تتعهّد بمواصلة تحديث ترسانتها النووية
واشنطن: نحتفظ بـ «السلاح الذري» لضمان الاستقرار والسلام لا للقتال والفوز بالحروب
رغم إعلان الدول الخمس الكبرى تفاهما مشتركا لمنع اندلاع حرب نووية، قالت الصين إنها ستواصل تحديث ترسانتها النووية، مشيرة إلى أنه يتعيّن على الولايات المتحدة وروسيا، أكبر قوتين نوويتين، القيام بالخطوة الأولى فيما يتعلق بنزع الأسلحة الذرية.
بعد يوم واحد من تعهّد الدول الخمس الكبرى بمنع انتشار الأسلحة الذرية، دافعت الصين، أمس، عن سياستها حيال الأسلحة النووية وأعلنت أنّها ستواصل «تحديث» ترسانتها النووية، وشددت على أنه يتعيّن على أكبر قوتين نوويتين، الولايات المتحدة وروسيا، القيام بالخطوة الأولى فيما يتعلق بنزع الأسلحة.وقال المدير العام لإدارة الحدّ من التسلّح بوزارة الخارجية الصينية فو تسونغ للصحافيين، إنّ «الولايات المتّحدة وروسيا ما زالتا تملكان 90 في المئة من الرؤوس الحربية النووية في العالم، وعليهما خفض ترسانتهما النووية بطريقة ملزمة قانوناً ولا رجوع عنها».وتابع تسونغ: «لطالما تبنت الصين سياسة قائمة على عدم استخدامها أولاً ونبقي قدراتنا النووية عند الحد الأدنى الذي يقتضيه أمننا الوطني».
وأكد: «ستواصل الصين تحديث ترسانتها النووية من أجل مسائل الموثوقية والسلامة».ورداً على المعلومات والأنباء التي أوردتها وسائل إعلام أميركية من أن بلاده تبني على الأقل 3 مواقع للصواريخ البالستية العابرة للقارات، أفاد بأن الولايات المتحدة يجب ألا تحاول تقييم ترسانة بلاده النووية باستخدام صور الأقمار الاصطناعية.ونشرت وسائل إعلام أميركية تقارير بشأن مواقع الصواريخ البالستية العابرة للقارات التابعة للجيش الصيني، حيث ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن الصين بنت 119 عمود إطلاق قرب مدينة يومين في مقاطعة غانجو.وكشفت صحيفة «نيويورك تايمز» عن «مناجم وأنفاق» في إقليم شينجيانغ الأويغورية ذاتية الحكم، حيث يوجد فيها أكثر من 100 صاروخ جديد من طراز Dongfeng 41.وتوترت العلاقة بين بكين وواشنطن على خلفية مسائل عدة من بينها سعي الصين لإعادة ضم تايوان التي تحكم بشكل مستقل، بالقوة إذا لزم الأمر.وبلغت تهديدات بكين لتايوان ذروتها في عهد الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي يعد الزعيم الأكثر استبدادية للصين منذ جيل.ورفض تسونغ التكهنات التي تشير إلى احتمال نشر الصين أسلحة نووية قرب مضيق تايوان، مؤكداً أن «الأسلحة النووية هي قوة الردع النهائية، ليست من أجل الحرب والقتال».
تحالف «أوكوس»
من ناحية أخرى، قال تسونغ، إن «تحالف أوكوس، وخصوصاً الاتفاق الثلاثي بشأن تطوير الغواصات النووية، هو أمر بالغ الجدية. وجوهر المشكلة يكمن أنه إذا تم تنفيذ هذه الخطة، فسيعني ذلك أن الولايات المتحدة وبريطانيا ستقومان كدولتين نوويتين، بتسليم اليورانيوم الحربي إلى أستراليا، وهي ليست دولة نووية». وأكد أن نظام الضمانات الحالي للوكالة الدولية للطاقة الذرية لا يوفر أي طريقة للتحقق من أن أستراليا لن تستخدم هذه المواد لصنع أسلحة نووية.وشدد على أن «الصين، إلى جانب العديد من الدول الأخرى، تشعر بقلق بالغ إزاء هذا التعاون، وهي تصر على ضرورة تشكيل لجنة مخصصة داخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمناقشة الآثار القانونية والسياسية والفنية لهذا التعاون».بيان الخمسة الكبار
وفي بيان مشترك نادر ينحي جانباً الخلافات المتصاعدة بين الشرق والغرب، أكدت الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا، أمس الأول، هدفها بالتوصل إلى عالم خالٍ من الأسلحة الذرية وتجنّب اندلاع نزاع نووي.كما أعلنت القوى النووية الخمس التزامها النزع المستقبلي الكامل للأسلحة النووية التي استخدمت عندما قصفت الولايات المتحدة اليابان نهاية الحرب العالمية الثانية.لكن تطبيق هذا الخطاب على أرض الواقع لن يكون سهلاً في ظل تصاعد التوتر بين هذه القوى إلى حد غير مسبوق منذ الحرب الباردة.ويزداد القلق الدولي حيال تحديث الصين مؤسستها العسكرية خصوصاً بعدما أعلنت قواتها المسلّحة العام الماضي أنها طوّرت صاروخا فرط صوتي قادراً على التحليق بسرعة تتجاوز بخمس مرات سرعة الصوت.وأكدت الولايات المتحدة أن الصين توسع ترسانتها النووية بما يقرب من 700 رأس حربي بحلول عام 2027 ولربما 1000 بحلول 2030.في الأثناء، شكّل بيان الاثنين المشترك بشأن الأسلحة النووية لحظة توافق نادرة من نوعها بين الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن.وأفاد البيان: «لا يمكن كسب حرب نووية ويجب عدم خوضها إطلاقا»، مضيفاً «نعتقد أنه يجب منع انتشار هذه الأسلحة بشكل إضافي».كما رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «بالبيان المشترك للقوى النووية لمنع الحرب النووية وتجنب سباق التسلح»، مشيداً «باعتراف هذه الدول بضرورة الامتثال لاتفاقاتها والتزاماتها الثنائية ومتعددة الأطراف المتعلقة بعدم الانتشار النووي، بما في ذلك التزاماتها الملزمة بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية».وفي واشنطن، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس: «نحن لا نحتفظ بالأسلحة النووية من أجل القتال والفوز بالحروب، نحن نمتلكها للحفاظ على السلام والاستقرار في عالم قد يحاول فيه الآخرون استخدام القوة أو على الأقل التهديد باستخدامها، خصوصاً التهديد بشن ضربة نووية، من أجل تقويض أمن وسيادة الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها»، لافتا إلى أن البيان المشترك الصادر عن الدول الخمس النووية يتماشى مع سياسة بلاده.وذكرت صحيفة «بوليتيكو» الأميركية في وقت سابق، أن السلطات الأميركية قد تنشر هذا الشهر «عقيدة نووية» محدثة للبلاد، وأن البيت الأبيض يدرس الشروط التي بموجبها يمكن للولايات المتحدة أن تلزم نفسها بألا تبادر لاستخدام الأسلحة النووية، وإمكانية إعلان أن الغرض الوحيد من الترسانة النووية الأميركية «احتواء الصراع النووي»، بدلا من استخدامه للرد على عمل عسكري تقليدي أو هجوم إلكتروني. وكانت خطط بايدن النووية المعلنة واجهت معارضة من قبل صقور «البنتاغون».