أكدت مديرة مركز "تقويم وتعليم الطفل"، د. عبير الشرهان، أن "المركز يعد مظلة شاملة لتشخيص وتعليم الطلاب الذين يعانون صعوبات التعلم، باعتباره مركزاً بحثياً يقوم بإعداد وتصميم الاختبارات النفسية والتربوية التي تساعد على تشخيص الأطفال ذوي صعوبات التعلم"، موضحة أنه يقدم برامج تربوية علاجية لتدريس اللغة العربية والرياضيات، خاصة بذوي صعوبات التعلم المحددة بالتعاون مع خبراء محليين وعالميين لمساعدة أبنائنا من هذه الفئة.وقالت الشرهان في لقاء مع "الجريدة"، إن "هذه الصعوبات إذا لم يتم التعامل معها فستتحول إلى مشاكل نفسية اجتماعية وسلوكية، خصوصا إذا تأخر التعامل معها بشكل مدروس"، مؤكدة أن "المشاكل النفسية لا تتفاقم فقط عند الطفل فقط، بل تنعكس على الأسرة كلها"... وفيما يلي اللقاء:
• ماذا يقدم مركز «تقويم وتعليم الطفل» لذوي صعوبات التعلم؟
- المركز مكان بحثي، وعدد الطلاب المسجلين لديه محدود، ويعتبرون عينة لمساعدة المركز على تدريب الكوادر التربوية، وتطبيق الاختبارات التشخيصية والبرامج العلاجية بالمركز، ومن ثم نشرها لتعم الفائدة على الجميع، ويقوم المركز بإعداد وتصميم الاختبارات النفسية والتربوية التي تساعد على تشخيص الأطفال ذوي صعوبات التعلم، وتوفير معايير مقننة لها، وعمل الدراسات اللازمة التي تفيد في التوصل إلى نقاط القوى والضعف لدى الطالب، ويقدم المركز برامج تربوية علاجية لتدريس اللغة العربية والرياضيات، تكون خاصة بذوي صعوبات التعلم المحددة بالتعاون مع خبراء محليين وعالميين، فالمركز يعد مظلة متكاملة لتشخيص وعلاج صعوبات التعلم، ونهدف إلى نشر الوعي، وإيجاد الأدوات والبرامج لمساعدة أبنائنا من هذه الفئة.• أين تكمن مشكلة صعوبات التعلم؟
- نؤكد أن طالب صعوبات التعلم ذكاؤه طبيعي، لكن يرجع وجود الصعوبات عنده إلى خلل وظيفي وراثي في عمل الدماغ، وذلك يؤثر سلباً على قدرته على القراءة والكتابة والتهجئة والاستدلال والفهم والصعوبة في استقبال المعلومات والتعامل معها والتعبير عنها، وهذه الصعوبات لا يكون سببها التدريس السيئ أو التربية السيئة، ولا نعرف الأسباب تحديداً، وعلى سبيل المثال في عسر القراءة هناك اتفاق شبه عالمي على أن المشكلة تكمن في اكتساب مهارات اللغة، وبالأخص الوعي الصوتي الذي هو أساس تعلم القراءة، أي الربط بين الرموز المكتوبة والأصوات التي في الكلمات والجمل.• ما النتيجة التي ستظهر في حال عدم التعامل بشكل مناسب؟
- هذه الصعوبات إذا لم يتم التعامل معها ولا مساندة الشخص الذي يعانيها تتحول بسرعة إلى مشاكل نفسية اجتماعية وسلوكية، وكلما تأخرنا في التعامل معها صعب التكيف معها، وهذه المشاكل النفسية لا تتفاقم فقط عند الطفل أو الطالب بل تؤثر على علاقة الأم والأب أيضاً، ما يؤثر على العائلة كلها.طرق العلاج
• هل من الصعب حل هذه المشكلة؟
- نعم، حالياً يصعب حلها، ويجب الابتعاد عن الأساليب التقليدية في تعليم وتربية أبنائنا السائدة حالياً، ونحتاج إلى بيئة مدرسية سليمة وآمنة لا يخاف فيها الطالب من الخطأ، ويستطيع أن يتعلم المهارات الأساسية التي يحتاج إليها لكي يكون متعلما مستقلا في تعليمه، إذ ينقص طلابنا بيئة مدرسية تركز على مهارات القراءة والكتابة والحساب لا على المعلومات، تركز على المهارات الدراسية كفهم المقروء أو كيفية البحث السليم لدرس معين، أو التركيز على المهارات الحياتية كحل المشكلات أو النقاش الحضاري واحترام اختلاف الآراء أو تكوين الصداقات أو تحديد الأولويات أو مهارة تنظيم الوقت، وغيرها من المهارات الجوهرية التي يحتاج إليها جميع الطلاب لعيش حياة منتجة وذات معنى، وهناك أساسيات يلزم وجودها في مدارسنا ومجتمعنا وفكرنا، لكي يسهل مساعدة طلاب صعوبات التعلم وجميع الطلاب الآخرين، بدونها يصعب التغيير الإيجابي للتعليم بشكل عام ومساعدة طلاب صعوبات التعلم بشكل خاص، لأن الطالب الذي ليس لديه صعوبة تعليمية نجده يعاني أساليب الجهاز التعليمي التقليدي، فما بالك بطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة.برامج تربوية
• كيف يمكن مساعدة طلاب صعوبات التعلم؟
- طلاب صعوبات التعلم المحددة بحاجة إلى برامج علاجية تربوية تساعدهم في تعلم القراءة والكتابة والحساب بشكل صحيح ومنظم، يعتمد على تدريس المهارات لكل حالة فردية على حدة باستخدام الطرائق التي تتكل على تعدد الحواس بيد معلمين مدربين على استخدام هذا النوع من البرامج، وعلى كيفية التعامل مع طلاب صعوبات التعلم، وهم بحاجة إلى بيئة صفية مشوقة لكي لا يصاب الطالب بالملل، ويكون في مكان يساعد على التركيز، ويقلل من تشتت الانتباه، والذي هو غالباً يعاني منه طلاب صعوبات التعلم، كما يحتاجون إلى عناية نفسية، إذ يعاني كثير منهم الكآبة والقلق المزمن والتدني في الثقة بالنفس، وهذا يرجع إلى البيئة التي تربوا فيها، على سبيل المثال من الممكن أن يتعرض للضرب أو الصراخ بسبب الرسوب في المدرسة، أو من الممكن أن تتم مقارنته مع إخوته، ومن الممكن أن يتعرض للتنمر أو السخرية، إما من الطلاب أو أحياناً من المعلمين.معوقات المساعدة
• ما أكبر عائق لمساعدة هذه الفئة؟
- هناك عوائق عديدة وتحديات تحرم في بعض الأحيان طلاب صعوبات التعلم من الوصول إلى إمكاناتهم منها الوصمة الاجتماعية لهذا التشخيص، فمن منا يريد أن يكون شخصاً من ذوي الاحتياجات، أو أن يعترف بأن ابنه أو ابنته تحتاج إلى مساعدة خاصة؟ في وقتنا الحالي لا يتلقى ذوو صعوبات التعلم الخدمات التي يحتاجونها بدون شهادة إعاقة، بالنسبة إلي هذا شيء عادي ولابد منه لكي يلقى الطالب المساعدة والمكان المناسب له، لكن بالنسبة لولي الأمر عادة ما يكون تشخيص صعوبات التعلم أو غيرها من الإعاقات خبراً سيئاً، وتكون ردة فعل ولي الأمر إما الإنكار، أو لوم الزوج أو الزوجة أو أن الولد (مدلل أو شيطان)، وهذه الوصمة الاجتماعية تؤخر التشخيص والتدخل المبكر، علماً بأنه عندما نكتشف صعوبات التعلم في سن متأخرة يكون التدخل العلاجي أصعب تربوياً ونفسياً على الطالب، هنا يأتي دور جمعيات النفع العام المعنية ووزارة التربية في توعية ولي الأمر على أعراض صعوبات التعلم المحددة وتوعيتهم بأن هناك طرائق تساعد أبناءهم على الوصول بهم إلى بر الأمان تربوياً ونفسياً إذا توافرت لهم البيئة الآمنة في البيت والمدرسة للتعلم، وتعريفهم أن تشخيص صعوبات التعلم سيساعد ابنهم أو ابنتهم للتعرف على نقاط القوة والضعف لديهم، وبالتالي العمل وفقاً لذلك.•ماذا عن دور الإدارة المدرسية؟
- وعي الإدارة المدرسية والمعلمين عائق آخر أمام هؤلاء الطلاب، فغالباً ما يوصف كل منهم بالفشل أو اللامبالاة أو (الشقي)، خصوصا إذا كانت صعوبات التعلم مصحوبة بفرط النشاط، وبعض الإدارات المدرسية تعتبر هؤلاء الطلاب عبئاً على المعلمين، فينتهي بهم المطاف إما بالرسوب والفشل أو بالنجاح الزائف، علماً بأن ذكاء هؤلاء الطلاب طبيعي، ومن الممكن مساعدتهم في الفصول العامة، من خلال دعم إضافي يساعدهم، وإذا لم يستجيبوا فمعنى ذلك أنهم بحاجة إلى تدخل مكثف بالتربية الخاصة.وكذلك فإن وعي العاملين في «التربية» كمسؤولين رئيسيين عن هؤلاء الطلاب أيضاً يعد عائقاً أمام تقدم هؤلاء الطلاب، فالوزارة يجب أن تدرب معلميها جميعاً على طرائق التعامل مع ذوي صعوبات التعلم المحددة (الحالات البسيطة)، وأن تبدأ بمشروع وطني لدمج ودعم ذوي صعوبات التعلم البسيطة والمتوسطة، بحيث يشمل جمعيات النفع العام المعنية بصعوبات التعلم، وجامعة الكويت، والهيئة العامة للتعليم التطبيقي، والهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة، ووزارة الصحة، مع الاستعانة بخبراء ومستشارين محليين وعالميين في هذا المجال، لاسيما أن المركز وحده لا يستطيع تلبية احتياجات عشرات الآلاف من طلاب صعوبات التعلم المحددة بالكويت.قوانين وتشريعات
• هل هناك تشريعات أو قوانين تحمي حقوقهم؟
- نعم، فطلاب صعوبات التعلم مشمولون بقانون ذوي الإعاقة 2010/8، الذي ينص على التزام الحكومة بتقديم الخدمات التربوية والوسائل التعليمية إليهم، فضلاً عن توفير كوادر تربوية ومهنية متخصصة لهم، وأن يراعى في جميع الاختبارات التعليمية والمهنية التي تقدمها الجهات الحكومية أو الأهلية حقوقهم واحتياجاتهم.كما ينص القانون على توفير الوسائل السمعية والمرئية، وتوفير دورات تدريبية لجميع المعلمين في مدارس التعليم العام، وأن تتكفل هيئة «ذوي الإعاقة» بدفع تكاليف الاختبارات الخاصة بهم، على أن تلتزم وزارة التربية بتوفير مراكز متخصصة بهذه الاختبارات، فضلاً عن أخذ جميع الترتيبات الإدارية والتنظيمية لدمج هؤلاء الطلاب.ورغم هذه القوانين، فإن هناك صعوبة في تطبيق هذه المواد، لأن طلاب صعوبات التعلم يحتاجون إلى خدمات معينة غير متوافرة، والسبب الرئيسي هو ضرورة التعاون بين الجهات المعنية لتحقيق الدمج التعليمي والشامل، وهو شبه معدوم للأسف، وحتى نكون منصفين هناك قرارات جيدة صدرت تساعدهم، مثل قرار وزير التربية الأسبق د. محمد الفارس سنة 2016، الذي ينص على إعطاء وقت إضافي لطلاب صعوبات التعلم في الاختبارات، وقراءة الأسئلة لهم، وإذا كان أي منهم يعاني تشتت الانتباه يتم وضعه في غرفة وحده، وهذه التسهيلات، رغم بساطتها، تساعد بشكل كبير.