«الفارس» قامة علمية في عالم الطبيعة
لم يكن رحالة، بل مارس الترحال في البلدان التي زارها وسترى مشاهداته النور في كتاب له سيصدر قريباً... أسعد الفارس يستحق أن يحمل لقب المبحر في عوالم الطبيعة بما فيها من طيور وحيوانات وحشرات، هو رجل عالم بكل معنى الكلمة، عيناه تذهبان إلى حيث يهوى الفؤاد، البر والصحارى والجبال والغابات، هناك يجد عشقه الذي يرتاح إليه، فكاميرته لا تفارقه أينما اتجه، فهي العين التي يسجل فيها ما اغتنت به الطبيعة. إذا أراد أن يلقي عليك تحية الصباح، يرسل لك وردة مصحوبة بقصيدة:
للورد عندي مَحلْ لأنه لا يمل كل الرياحين جند وهو الملك الأجَلْ عنده خط سير واحد في حياته، وهو ما يتعلق بكل معلومة أو صورة لها علاقة بالطيور حتى الدجاج الذي يتمنى أن يسمع صياحه مع شروق الشمس عندما يعود إلى بلده في سورية، لم أتلق منه يوماً رسالة أو تعليقا خارج إطار اهتماماته وانشغالاته، وفي كل يوم هناك الجديد، صورة طائر مع شرح عن صفاته أو حية مشهورة في صحارى الكويت ووادي الفرات. أجرى العديد من الدراسات والأبحاث وكلما رأى مشهداً مخالفاً للبيئة هم بتسجيله والتحذير من فاعله، كما في حال أحد المواطنين العراقيين الذي يتلذذ بقتل ذكر من ذكور الحباري، والتي تم تفريخها وتكاثرها في المراكز العربية الخليجية، وخاطب أمثاله له "كفاكم عبثاً.. يا هؤلاء" فهذا النوع من الطيور يتعرض للصيد الجائر، وفي هذا الصدد كانت له مساهمة كبيرة بالشراكة مع د. حنان الخليفة، والاثنان يعملان في معهد الكويت للأبحاث العلمية بإصدار كتاب قيم وبعنوان "الصقور والحباري.. تراث خليجي أصيل بين الإنقاذ وخطر الانقراض"، وبالتعاون مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي. تقديري أن جهد هذا الباحث والعالم المتخصص لم يأخذ حقه من النشر والاهتمام، فبقدر ما يغني أصدقاءه بجرعة مصورة مرفق بها شرح، بقدر ما تشعر أنه يفرغ ما لديه من علم ومعلومات للقراء والناس مثلما تعامل مع "النعام بين العلم والأدب والتراث". لديه تجربة غنية ذات مضامين علمية وثقافية، سواء على المستوى الكويتي والعربي أو على المستوى الدولي، واحدة من تلك الرسائل العلمية مشاركة سيدة أسترالية تقوم بالحفر والتنقيب عن الآثار في الفرات وتعد لرسالة دكتوراه، عن سكان تلك المنطقة ومن أين جاؤوا. يتوجه إلى عام الأزهار والأشجار والأطيار لينسى الفواجع التي تلاحق المواطن العربي أينما رحل، "فشجرة المانوليا" تبقى من أجمل الأشجار في العالم بساقها المنتصب وأوراقها الخضراء اللامعة، وأزهارها البيضاء الكبيرة ذات الرائحة العطرية اللطيفة، حتى البعوض وجد من يواسيه، عندما أرفق صورة للبعوض مع قصيدة شاعرية فيها "صدق المشاعر وحرارة الدعاء، وبين العلم والأدب". يتمتع بشبكة علاقات واسعة مع زملاء "مصنفين علمياً في الكويت" ومن الذين تربطه بهم هواية وحب البيولوجيا يتبادل معهم شؤون القضايا المثارة وشجونها والتي تحتاج إلى من يرشد التائهين والجهلة بالحقيقة العلمية، كما في حالة "السمكتين اللتين تنهضان من الطين"، فكلتاهما كما يقول من الأسماك الثعبانية في الشكل وتسمى أسماك المواري الهندية، يعيشان معاً في المياه الضحلة. لم ينس النباتات الجميلة والعطور والأزاهير والخضراوات التي تجدها في كل بيت من كتاباته وفي كتب التراث العلمي، وفيها شعر جميل والجمال يكتمل عندما نلتفت إليها باختصار، من الناحيتين العلمية والتراثية، ودائماً ما يتذكر الزمن الجميل عندما ترك في مكتبته الخاصة في مدينة "البوكمال" السورية أربعين نسخة من الأعداد الأولى لمجلة "العربي"، أما انطلاقته الكبرى في عالم التربية والتعليم والتأليف العلمي والتراث فكانت من الكويت. أسعد الفارس أنتج رسائل علمية و12 مؤلفاً علمياً وثقافياً، وجزء كبير منها باسم معهد الكويت للأبحاث العلمية، آخرها مجموعة إصدارات هي "تربية وحماية الدراج"، و"العربيد الفراتي والأفاعي السود في البيئة العربية"، و"الطيور المهددة بالانقراض في البر الكويتي والقائمة الحمراء"، و"الصقور والحباري" بالمشاركة مع د. حنان الخليفة صاحبة الخبرة في الأبحاث عن الدواجن والمسؤولة في مركز أبحاث البيئة والعلوم الحياتية في معهد الكويت للأبحاث العلمية.