في محاولة لتهدئة غضب المتظاهرين الذين نزلوا إلى الشوارع لليوم الثالث على التوالي، للاحتجاج على ارتفاع أسعار الغاز والأداء الحكومي أقال رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف الحكومة، بعدما تحوّلت «انتفاضة الغاز» إلى أعمال عنف.

ونشرت رئاسة الجمهورية على موقعها الإلكتروني مرسوماً رئاسياً جاء فيه أنّ رئيس الجمهورية قبِل استقالة حكومة رئيس الوزراء عسكر مامين وكلّف نائب رئيس الوزراء علي خان إسماعيلوف تصريف الأعمال ريثما تشكّل حكومة جديدة.

Ad

كما عيّن توكاييف نائباً أول جديداً ورئيساً للجنة الأمن الوطني ليحل محل صمد أبيش قريب الرئيس السابق صاحب النفوذ الكبير نور سلطان نزارباييف.

وفي حديث أمام القائمين بأعمال الوزراء، أمس، أمر توكاييف الحكومة وحكام الأقاليم بإعادة فرض قيود على أسعار غاز البترول المسال وتوسيعها لتشمل البنزين والديزل وغيرهما من السلع الاستهلاكية «ذات الأهمية الاجتماعية».

كما أمر الحكومة بدراسة تجميد أسعار المرافق وخفض سعر غاز البترول المسال وهو وقود سيارات يستخدمه الكثير من السكان بدلاً من الغاز الطبيعي المسال بسبب انخفاض تكلفته، وتثبيته عند 50 تنغ (0.1 يورو) للتر الواحد في المنطقة، مقابل 120 تنغ في بداية العام، وذلك بعد إعلانه حال الطوارئ التي شملت فرض حظر التجول وقيود على الحركة في مناطق من البلاد، بما في ذلك ألماتي، العاصمة الاقتصادية للبلاد وأكبر مدن الدولة الواقعة في آسيا الوسطى ومقاطعة مانغيستو الغربية المنتجة للنفط إذ شهدتا أعنف الاحتجاجات، على أن يسري خلال هذه الفترة حظر تجوّل ليلي يبدأ في الساعة 11 ليلاً وينتهي في السابعة صباحاً.

لكنّ الخطوة الحكومية لخفض الأسعار تلبية لمطالب المحتجين لم تسهم في تهدئة غضبهم.

وبدأت حركة الاحتجاج الأحد في مدينة غاناوزن غرب البلاد، قبل أن تمتد إلى مدينة أكتاو الكبيرة على شواطئ بحر قزوين، ثم إلى ألماتي.

وتم نشر الجيش والحرس الوطني في العاصمة نور سلطان، لمواجهة التظاهرات التي تحولت لاشتباكات.

وشهدت ألماتي مساء أمس الأول وأمس، تظاهرة ضخمة استخدمت الشرطة لتفريقها القنابل الصوتية والغازات المسيلة للدموع.

مقر الرئيس

وأفادت وكالة «ريا نوفوستي» الروسية، بأن المتظاهرين استولوا على مقر إقامة توكاييف في ألماتي. وذكر شهود عيان، أن عدة آلاف من المتظاهرين كانوا يحاولون، اقتحام أراضي مقر إقامة الرئيس.

ونشر أحد الحسابات على «تويتر»، مقطع فيديو يرصد احتراق القصر الرئاسي القديم في ألماتي.

ورغم الطوق الأمني الذي فرضته قوات الأمن، اقتحم محتجون مباني حكومية في ألماتي، وأشعلوا مكتب رئيس بلدية العاصمة الاقتصادية في حين سُمع دوي طلقات نارية في أنحاء وسط المدينة، ​كما تم احراق مكتب النائب العام القريب.

وقال قائد شرطة المدينة، أمس، إن «متطرفين ومتشددين هاجموا ألماتي، وهاجموا ما يصل إلى 500 مدني ونهبوا مئات الشركات».

وأضاف أن الشرطة والحرس الوطني ووحدات الجيش يشاركون في العملية الأمنية في اليوم الثاني للاشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن.

وأفادت إدارة الصحة في المدينة بأن 190 شخصاً تلقوا علاجاً طبياً منهم 137 من أفراد الأمن. وحضّت سلطات المدينة السكان على البقاء في المنازل.

وقالت وزارة الداخلية أمس، إن المباني الحكومية تعرضت أيضاً للهجوم في مدينتي شيمكنت وطراز في جنوب البلاد، مضيفة أن 95 من أفراد الشرطة أصيبوا في الاشتباكات. وألقت الشرطة القبض على أكثر من 200.

وبعد ظهر أمس، شوهد في ألماتي رجال بزي الشرطة وهم يرمون دروعهم وخوذاتهم في كومة ويعانقون المحتجين.

وكشف مصدر أمني أمس، أن مطار نور سلطان وألماتي يعملان بشكل طبيعي ومستمر في البلاد.

وقف التطبيقات

وكانت تطبيقات المراسلة «تلغرام» و«سيغنال» و«واتساب» توقفت عن العمل في البلاد مساء أمس الأول، بعد أن نزل الآلاف إلى الشوارع .

وهزت الاشتباكات صورة كازاخستان كبلد مستقر سياسياً ويخضع لسيطرة محكمة، والتي استغلتها لجذب استثمارات أجنبية بمئات المليارات من الدولارات في قطاعي النفط والمعادن على مدى ثلاثة عقود منذ الاستقلال.

وتمثل التظاهرات أكبر تحد للنظام الذي أرساه الرئيس نور سلطان نزارباييف، الذي تنحى من السلطة في 2019 وخلفه قاسم توكاييف الموالي له.

ونزارباييف البالغ 81 عاماً وحكم كازاخستان منذ 1989، يسيطر على مقاليد الحكم بصفته رئيس مجلس الأمن، و«قائد الأمة»، وهو دور دستوري يمنحه مزايا فريدة في صنع القرار وحصانة من المحاكمة.

روسيا

ودعت روسيا إلى الحوار وليس إلى «الشغب لتسوية الوضع». وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان «نؤيد الحل السلمي لجميع المشكلات في الإطار القانوني والدستوري ومن خلال الحوار وليس من خلال أعمال الشغب وانتهاك القوانين».

وقال مصدر في وزارة الخارجية، إن موسكو تتابع عن كثب تطورات الوضع هناك.

وذكر المصدر، أنه لم ترد حتى الآن أية معلومات تدل على تعرض المواطنين الروس للأذى هناك.

وتحتل الأقلية الروسية (نحو 12%) ثاني قومية بعد الكازاخ (83%) التركيبة السكانية في كازاخستان، وتتركز في المناطق الشمالية على الحدود مع روسيا.