إلى متى هذه الحال؟
هل ستقف السلطة السياسية متفرجة بفرح أو لا مبالاة لما يحدث؟ لم يعد هناك أي مبرر للاستمرار مع هذا المجلس النيابي التهريجي، وأيضاً لا سبب أن تظل هذه العقلية السياسية، التي تدير الدولة، على حالها في رؤيتها وتصوراتها لليوم والغد، تدير الدولة بفكر الأمس عبر الاسترضاءات السياسية وشراء الذمم، وكأنها تملك خزائن قارون تكفي لعدة أجيال قادمة ابتُليت بجهل الآباء وأنانيتهم.بينما الدولة تغرق في أزماتها المالية وتراجع نموها واستمرار فساد الإدارة وعجزها، نشاهد في الوقت ذاته عملية نقل مباشر لحفل رفع لسوق الغربللي للأحذية والنعل من مكانه التاريخي إلى مبنى مجلس الأمة، كي نتفرج على الأحذية الطائرة واللكمات المتبادلة ورفع أسلحة العُقَل والتهديد بها في غياب العقل إلى مبنى مجلس الغمّة.لا يهم أن نصدر حكم الإدانة لهذا النائب أو براءة لزميله، ومضحكة تلك الاستفتاءات الهزلية في مواقع التواصل "ضع قلب مع عبيد أو رتويت إذا مع المطير"، وأي ناد تشجع في مباراة السخف الأخيرة...!! السخافة والجهل كانا في الثقافة الرسمية التي قادت الدولة إلى هذا الحضيض من التفاهات، تفاهة اللفظ وتفاهة الكلمات المكتوبة التي نطالعها عند من نصّبوا أنفسهم مفكرين وكتّاب نخب "انتلكجول" على صفحات الجرائد، خواء واجترار أحرف تترجم الحالة الفكرية للدولة، مثلما تترجم مخرجات التعليم مأساة الدولة مع مناهج "مع حمد قلم ومع نائبنا عقال وحذاء".
حل المجلس اليوم أكثر من ضرورة، وإذا عاد مجلس آخر بذات الشاكلة من النواب فليحل مرة ثانية وثالثة، إلى أن يدرك الناخب الدرس في اختياراته، ليس لأجله وإنما من أجل مستقبل وطنه. لكن لنقف متسائلين: هل حالة الدولة اليوم تملك ترف الحل وإعادة انتخابات وتشكيل وزارات ضحلة بذات النهج المريض في اختيارات المحاصصة وتغييب الكفاءات، وهي - أي الدولة - على مشارف الهاوية المالية، مع غياب كامل لمشروع تنموي ينقذنا نحن وأبناءنا وبناتنا من غد مظلم؟ والسؤال الآخر: كم مرّة جرّبنا استفراد السلطة المشيخية بالقرار في عامَي 76 و86 وقبلهما مجلس 67 المزوّر، وتجرعنا مرارة التجارب في مذبحة الحريات والقمع، وصعود نجوم الفساد والنهب المبرمج، وغياب مطلق لمشاريع تنموية بعيدة المدى؟حالنا اليوم هي السير الحثيث من سيئ إلى أسوأ، ومن خراب إلى دمار كامل، مَن المسؤول عن كل هذا؟ وإلى متى نظل على هذه الحال الخائبة؟