عاد الانقسام الأميركي الحزبي الكبير الذي وصل الى مستوى غير مسبوق في عهد ولاية الرئيس دونالد ترامب الى الواجهة، في ذكرى اقتحام "الكابيتول" مقر "الكونغرس" في واشنطن، من قبل مجموعات يمينية بعضها موالٍ لترامب، في محاولة لمنع المصادقة على فوز الرئيس الديموقراطي جو بايدن بالانتخابات الرئاسية في 2020.

وكتب الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر الذي بات يشكل للكثير من الأميركيين سلطة معنوية، في مقالة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز، "إن أمتنا العظيمة باتت تترنح الآن على حافة هاوية تزداد عمقا. من دون تحرّك فوري، نواجه خطرا جديا بأن نشهد مواجهة مدنية وأن نخسر ديموقراطيتنا الثمينة".

Ad

من ناحيته، حذّر بايدن، في خطاب بالمناسبة، من أنه "علينا أن نقرر اليوم أي أمة سنكون. هل سنكون أمة تقبل أن يصبح العنف السياسي هو القاعدة؟ هل سنكون أمة تسمح لمسؤولين رسميين محازبين أن يطيحوا بالرغبة التي عبّر عنها الشعب بشكل قانوني؟ هل سنكون أمة لا تعيش في ضوء الحقيقة، إنما في ظل الكذب؟".

وعمد بايدن لفترة طويلة الى تجنّب ذكر ترامب بالاسم علنا، لكن هذه المرة قرر الرئيس التطرّق بشكل علني الى "المسؤولية الخاصة" للرئيس ترامب في الفوضى".

وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض جين ساكي "ينظر (بايدن) إلى ما حدث في السادس من يناير على أنه تتويج لما ألحقته سنوات حكم ترامب الأربع ببلادنا"، موضحة أن "الرئيس بايدن يدرك تماما التهديد الذي يطرحه الرئيس السابق على نظامنا الديموقراطي".

وبعد أشهر على التركيز على السياسة الاقتصادية والاجتماعية، يرى البيت الأبيض أن الكثير من آماله في الإصلاح تتلاشى بسبب العرقلة في البرلمان، وذلك لتراكم عدة عوامل: سأم كبير في مواجهة موجة جديدة من وباء كوفيد-19، وارتفاع التضخم، وذكرى الانسحاب الفوضوي من أفغانستان.

لكن ما يثير قلقا شديدا هو استطلاع للرأي نشر أخيرا، وأظهر أن 55 بالمئة فقط من الأميركيين يعتبرون أن جو بايدن هو الفائز الشرعي في الانتخابات الأخيرة.

فقد لاقت نظرية ترامب بأن الانتخابات "سرقت" منه أصداء، كما يبدو لدى الأميركيين، حيث يواصل الرئيس السابق التأكيد، لكن من دون إعطاء أدلة بأنه الفائز الفعلي في الانتخابات.

وقد ألغى ترامب مؤتمره الصحافي الذي كان مقررا اليوم من دارته الفاخرة في منتجع مارالاغو بولاية فلوريدا، لكنّه واصل تصريحاته الهجومية.

وأكد مجددا، الثلاثاء، من دون أن يقدّم أي دليل، أنّ الانتخابات الرئاسية شابتها عمليات "تزوير"، معتبرا أنها "جريمة القرن"، رغم أن المرشح الجمهوري تقدّم عليه بأكثر من سبعة ملايين صوت.

ودعا ترامب إلى "انتفاضة" ضد إدارة بايدن بشأن تفويضات فرض اللقاح ضد "كورونا". وقال ترامب في بيان: "الآن، هناك حديث من قبل إدارة بايدن مرة أخرى حول إغلاق المدارس، وحتى فرض التطعيم على أطفال المدارس.. هذا أمر شائن، وعلى أمة MAGA (make america great again) أن تنهض وتعارض هذا التجاوز الفاضح للحكومة الفدرالية".

من ناحيتها، قالت رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، إن الوقت قد حان للبلاد للتوجه إلى "رموزها الأفضل"، معتبرة أن "الديموقراطية انتصرت في تلك الليلة... هؤلاء الناس، بسبب العمل الشجاع لشرطة الكابيتول وشرطة العاصمة وآخرين، تم ردعهم في عملهم لوقف التداول السلمي للسلطة. وقد هزموا".

وقالت بيلوسي كذلك: إنه لا يمكن لأحد أن يتخيل رئيسا أميركيا يدعو إلى التمرد، لكن هناك الآن "درسا مدنيا هائلا تم تعلّمه فيما يتعلق بما يستطيع الرئيس القيام به"، على حد قولها.

وأوضحت: "أعتقد الآن أن الناس قد تم تنبيههم إلى حقيقة أنه يمكن أن يكون هناك رؤساء مارقون".

في المقابل، قال النائب كيفين مكارثي من كاليفورنيا، وهو زعيم الأقلية بمجلس النواب، في رسالة إلى زملائه، إن الديموقراطيين يستخدمون الذكرى "كسلاح سياسي حزبي لمزيد من الانقسام في بلادنا".

وتوقّع السيناتور الأميركي الجمهوري المحافظ تيد كروز أن يبادر الجمهوريون الى إطلاق إجراءات عزل بايدن في حال فازوا بالأغلبية في "الكونغرس" بالانتخابات النصفية هذا العام.

واتهم زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل أمس الديموقراطيين بـ"استغلال سياسي" لذكرى أحداث 6 يناير، التي وصفها بأنها "يوم قاتم للكونغرس ولبلادنا".

وقال ماكونيل في بيان، "من اللافت رؤية بعض الديموقراطيين في واشنطن يحاولون استغلال هذه الذكرى لترويج أهداف سياسية حزبية كانت موجودة قبل هذا الحدث".