يراقب اللبنانيون تطورات الأوضاع الإقليمية، فيما تبدو كل دروب الحوار بينهم مغلقة، على وقع استفحال الأزمة المالية والاقتصادية والسياسية. ففي الوقت الذي واجهت دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون الى عقد طاولة حوار شاملة فشلاً، بعد رفض شخصيات وازنة المشاركة، تتحضر شخصيات سياسية إلى إعلان «المجلس الوطني لمواجهة الاحتلال الإيراني»، قبل أشهر قليلة من الانتخابات النيابية، التي ينظر إليها على أنها مرحلة مفصلية واستثنائية في تحديد المسار السياسي اللبناني للسنوات المقبلة.
ولم تنجح محاولات عون في استدراج القادة السياسيين إلى حوار في بعبدا، وضع له 3 محاور أساسية: أولها الاستراتيجية الدفاعية، وهي تطول حزب الله بشكل مباشر، على وقع الاختلافات بين الحزب و«التيار الوطني الحُر»، ويريد عون، من خلال طرحها، الحصول من الحزب على تنازلات سياسية، كما يريد إيصال مواقف للقوى الخارجية بأنه يطرح في ما تبقى من ولايته أحد أهم المواضيع التي تشكّل انقساماً لبنانياً ودولياً. والنقطة الثانية، خطة الإصلاح المالي والاقتصادي، التي أيضاً هناك الكثير من الخلافات والانقسامات حولها، فيما تعتبر النقطة الثالثة ذات بعد استراتيجي يطول بنية النظام، إذ يطرح عون فيها مسألة اعتماد اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، وهو طرح مرفوض من أفرقاء متعددين، ويتخذ بُعداً طائفياً، إذ يرفضه المسلمون ويعتبرونه خطوة على طريق التقسيم، ويؤيده المسيحيون الذين يرون أنه خطوة لا بدّ منها لتطوير الدولة وبنيتها.تحتاج هذه النقاط الثلاث إلى مسار طويل لبحثها، حتى ولو توفرت ظروف داخلية وخارجية ملائمة، ولا يمكن - وفق ما تقول مصادر معارضة لعون - أن تطرح للنقاش في الأشهر الأخيرة من عهد الرئيس، بل في الأشهر الأولى من ولايته.لذلك يعتبر معارضو عون أنه يطرح هذه الفكرة انطلاقاً من حاجته إلى عقد تسوية سياسية جديدة، ورسم ملامح المرحلة المقبلة لتأمين ظروف انتخاب بديل له، ولكن بشروطه، وربما لتوفير ظروف ملائم لوريثه رئيس «التيار الوطني الحرّ» جبران باسيل.وقد أجرت دوائر القصر الجمهوري اتصالات متعددة بمختلف رؤساء الكتل النيابية وقادة الأحزاب، لتوجيه الدعوات لهم إلى طاولة الحوار، بعضهم استجاب والبعض الآخر رفض، كما حصل بالنسبة إلى رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، الذي اتصل بعون معتذراً عن عدم الحضور، ومعتبراً أن الأولوية الآن هي للانتخابات النيابية، وأي حوار يجب أن يجري بعدها، في موقف أجهض عملياً الحوار الذي لا يمكنه أن ينعقد من دون مشاركة السنّة.بدوره، رفض رئيس حزب «القوات اللبنانية» المشاركة في الحوار، الذي رحب به وليد جنبلاط، لكنّه نصح عون بالأخذ بعين الاعتبار مواقف كل القوى السياسية. ومن المتوقع أن يستعيض عون عن الحوار بلقاءات ثنائية مع رؤساء الكتل والأحزاب خلال هذا الأسبوع، وقد وجهت بالفعل دعوات لشخصيات بينها جنبلاط ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية. في الموازاة، تتحضر نحو 200 شخصية سياسية من مختلف الطوائف معظمها كان منضوياً في «قوى 14 آذار»، وبينها الأمين العام السابق لـ «14 آذار»، فارس سعيد والوزير السابق النائب المستقيل مروان حمادة، والنائب السابق أحمد فتفت، لإطلاق «المجلس الوطني لمواجهة الاحتلال الإيراني للبنان» اليوم. وسيسعى «المجلس الوطني» إلى تشكيل مكتب سياسي، على أن تترأسه شخصية سياسية معروفة، فيما يؤسس الشعار الذي يرفعه إلى مرحلة جديد من المواجهة مع حزب الله، وسيرفع من حدّة المواجهة التي ستتصاعد أكثر كلما اقترب موعد الانتخابات النيابية.
دوليات
لبنان: فشل «حوار عون»... وإطلاق «الوطني لمواجهة الاحتلال الإيراني»
09-01-2022