وسط ارتفاع كبير في أسعار النفط، الذي يعتمد العملاق الآسيوي عليه بشدة في اقتصاده، وحالة الركود التي تشهدها العلاقات الأميركية ـ الخليجية، بدا أن الصين تقوم باندفاعة كبيرة باتجاه منطقة الخليج.

وعشية وصول وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إلى بكين، بدأ وزراء خارجية الكويت الشيخ د. أحمد الناصر، والسعودية الأمير فيصل بن فرحان، وعُمان بدر بن حمد البوسعيدي، والبحرين عبداللطيف الزياني، والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف زيارة رسمية إلى الصين.

Ad

وقال بيان للخارجية الصينية، إن زيارة الرباعي الخليجي، التي تستمر خمسة أيام، جاءت بدعوة من مستشار الدولة وزير خارجية الصين وانغ يي.

ولم يقدم البيان أي تفاصيل حول برنامج الزيارة، علماً أن زيارات الدبلوماسيين الأجانب للصين نادرة منذ عامين بسبب أزمة الوباء.

والصين هي أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، وأدى الانتعاش الاقتصادي العالمي في الأشهر الأخيرة إلى ارتفاع حاد في أسعار كل مصادر الطاقة، خصوصاً الغاز والنفط.

ونظراً إلى الطلب المرتفع عالمياً عليها والاضطراب الذي أحدثه وباء «كوفيد 19» في هذا المجال، تشعر بكين بالقلق إزاء إمداداتها.

وتعزز هذا القلق في حين تؤدي الاضطرابات في كازاخستان المجاورة، العضو في تحالف «أوبك +»، إلى ارتفاع أسعار النفط.

ويخشى المستثمرون اضطرابات محتملة في الإمدادات، إذ تعتبر كازاخستان أكبر منتج للنفط في آسيا الوسطى، وأنتجت عام 2020 حوالي 1.8 مليون برميل يومياً.

وفي نوفمبر، أعلنت الصين أنها ستستخدم احتياطاتها النفطية لخفض الأسعار، بعد مبادرة أطلقها الرئيس الأميركي جو بايدن، واعتُبرت تلك الخطوة انفراجة نادرة في العلاقات الصينية ــ الأميركية.

وبحسب صحيفة «غلوبل تايمز» الصينية الحكومية اليومية التي تصدر بالإنكليزية، قد تساهم هذه الزيارة في «إحراز تقدم» في المناقشات حول اتفاق التجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون الخليجي.

إلى ذلك، أكدت الأمانة العامة لمجلس التعاون أهمية تعزيز العلاقات الخليجية - الصينية لخدمة المصالح المشتركة، مبينة أن الحجرف بحث أوجه التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك وفق الاتفاقية الإطارية للتعاون الاقتصادي والاستثماري والفني الموقعة بين دول «التعاون» والصين في بكين يونيو 2004 إضافة لمذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين عام 2010.

وقال الحجرف، إن الزيارة تمثل فرصة لاستعراض مجالات التعاون الخليجي - الصيني ودفع وتعزيز علاقات الصداقة والتعاون بما يخدم المصالح المشتركة وجهود تعزيز الأمن والاستقرار ومواجهة التحديات، كما سيتم استعراض ملف مفاوضات التجارة الحرة بين مجلس التعاون والصين والتحضير لجولة المفاوضات العاشرة وسبل تعزيز استثمار الفرص الثنائية في المجالات المشتركة، لاسيما أن الصين تمثل الشريك التجاري الأول للمجلس.

وخلال السنوات الأخيرة، سعت الصين إلى تعزيز علاقاتها مع دول الخليج. وفي 2014، تعهد الرئيس الصيني شي جينبينغ بمضاعفة المبادلات التجارية مع المنطقة بحلول عام 2023.

وتتزامن زيارة الرباعي الخليجي مع زيارة وزير الخارجية الإيراني، التي ستركز حسبما ذكر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أمس، على بحث اتفاقية التعاون التي وقعها البلدان ومدتها 25 عاماً والمعروفة بـ «صفقة ربع القرن».

وكانت بكين وطهران وقعتا في مارس الماضي اتفاقية «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» لتعزيز علاقاتهما على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، وسط تسريبات عن ملاحق للاتفاق تمنح الصين إمكانية التحرك في قواعد عسكرية بحرية وجوية إيرانية واقعة على الخليج.

وتأتي هذه الاندفاعة الإيرانية باتجاه الخليج في وقت يسود شعور متزايد في المنطقة بأن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تتحرك بطريقة توحي بأن التزام واشنطن تجاه حلفائها التقليديين في المنطقة قد تراجع.