عوقب بعض المرتشين فماذا عن الراشين والرائشين؟
أصدرت محكمة الجنايات مؤخراً أحكاما بالحبس ضد 6 قضاة، ويقال إن العدد قد يزداد، فتم عزلهم عن وظائفهم ومصادرة الرِّشا التي تسلموها، بعد اتهامهم بالرشوة والتزوير وغسل الأموال، فكم نتمنى أن تشمل العقوبات التي يجب تكون صارمة وقاسية ضد القبيضة وأصحاب المناصب الذين جنوا من ورائها الملايين ظلما وعدوانا على أصحاب الحق. فالرشوة من كبائر الذنوب، وهناك حديث للرسول صلى الله عليه وسلم لعن فيه الراشي والمرتشي والرائش وهو الساعي بينهما، فطلب الرشوة حرام وقبولها حرام، كما يحّرم عمل الرائش بين الراشي والمرتشي.فالمرتشي، هو صاحب المنصب والقرار، وهو من يقوم بتسيير معاملات الراشي الظالمة لغيره، وقد يقوم هو بطلب الرشوة شرطا لتمرير مصالح الراشي، أو أن تعرض عليه الرشوة للغرض نفسه فيقبلها، والراشي هو صاحب المعاملة يقدم رشوته لصاحب المنصب والقرار ليمرر مصالحه على حساب مصالح الآخرين، أما الرائش فهو الطرف الوسيط بين الراشي والمرتشي.
الراشي يتوصل برشوته للمرتشي الى ما ليس له، ويكون الرائش بينهما وسيط الشر والسوء، فيقوم بعمل الشيطان، فهو الذي يزّين الجريمة للراشي وللمرتشي ويمهد لهما طريق الفساد المؤدي الى الظلم والسرقة، فيفيدهما ويستفيد منهما، فيوقع ثلاثتهما الضرر عمدا على صاحب الحق، وما أكثرهم.الرشوة تعقد أمور العباد، خصوصا بعد صدور حكم ظالم، فيسلب الحق من أصحابه، ليتمتع به الراشي، ولهذا يفترض أن تكون عقوبة المرتشي صاحب المنصب والقرار مضاعفة، لأنه هو المؤتمن على مصالح الناس وقبوله للرشوة هو الظلم بعينه. المرتشون، في بعض الأحيان، يُكشَف عنهم ويعاقبون، ولكن من النوادر أن يُكشف عن الراشين أو يعاقبوا رغم أنهم المتسببون في شراء ذمم المرتشين، وخراب بيوت المظلومين، أما الرائشون فلم نسمع بأن أحداً منهم قد أدين رغم كثرتهم، وانكشافهم للعامة.المرتشون أنواع، ومنهم القبيضة، فالقبيض مرتش لا ريب في ذلك، فهو قبض المقسوم من أجل أداء مهمة غير قانونية ولا أخلاقية، أو من أجل تغيير مواقفه ضد مصلحة البلد والمواطنين، وليس من أجل سواد عيونه، ولو لم يكن في موقعه هذا لما سأل عنه أحد من الراشين.نقول اتقوا الله في الكويت، فالبلد لم يعد يتحمل الإسفاف وذرف دموع التماسيح تباكيا على استفحال الفساد، وكفاكم مزايدات رخيصة، فالذي استطاع أن يرشو مجموعة من القضاة الفاسدين استطاع أن يرشو القبيضة ومن في حكمهم، فحول حفاة القوم الى أثريائهم.فعقاب الراشين والرائشين وكشفهم كما كشفت أسماء القضاة واجب ديني ووطني، حتى تكتمل دائرة العدالة لتشمل الجميع، وإلا من سيصلح الملح إذا الملح فسد؟!