خريج بدرجة سماعة غش
مؤلم الفيديو الذي انتشر قبل فترة وينسب إلى إحدى المعلمات، وهي تقوم بتعديل إجابات الطالبات في الاختبارات النهائية في إحدى المراحل التعليمية وتغيرها، وإذا كانت وزارة التربية اتخذت إجراءات لاحقة لمعالجة هذا التصرف الأرعن فإننا نخشى حقيقة مما هو مستور، ويخفى على المجتمع من تنامي ظاهرة الغش في المراحل الدراسية المختلفة وصولاً إلى الجامعات والمعاهد.الخطير في ظاهرة الغش أيامنا هذه أنها تجري برضا وتشجيع من بعض أولياء الأمور، فالبعض يساعدون أبناءهم في ممارسة الغش ويدعمونهم بتوفير وسائله كما يبدو جلياً في أساليب "سماعات الغش"، كما أن بعضهم يقوم بنفسه بمشاركة أبنائه في الغش من خلال تزويده بالإجابات من الطرف الآخر من الاتصال بالسماعات ليشترك في هذه الجريمة الدنيئة التي تنعكس على أخلاقيات المجتمع ومستقبله.ماذا يعني أن يتساهل المعلم في غش الطلبة والتلاعب بالدرجات؟ هل يريد التغطية على ضعفه في أداء مهنته؟ ماذا يعني أن يقوم الأب أو الأم بتشجيع أبنائهم على الغش بل بمشاركة الغش معهم ليكونوا قدوة سيئة للأجيال بكل ما تعنيه الكلمة؟ وهل يرغبون أن تكون هذه أخلاق أبنائهم في مستقبلهم بالحياة الوظيفية والمهنية والأسرية؟
إن قيم المجتمع تواجه مخاطر واضحة في مختلف المجالات، الغش في المراحل الأولى للدراسة، وتزوير الشهادات في المراحل العليا، والتحايل على الأموال العامة في الوظائف، والتلاعب للحصول على منافع الدولة المخصصة بضوابط وشروط معينة، فلا عجب أن يتطور الموضوع للوصول إلى شراء الأصوات الانتخابية والفساد الإداري والمالي في الجهات الحكومية بالرشوة والاختلاسات وقضايا المال السياسي الشنيعة، وغيرها من الكوارث والجرائم التي تنخر في البلد ومؤسساته لتكون الصورة مكشوفة على الملأ بأن القضية أخلاقية قبل أن تكون جريمة قانونية، وأن هذه الظواهر القبيحة نتيجة تراجع قيم المجتمع ومبادئه. لقد سبق أن طالبنا مؤسسات الدولة والمجتمع بالالتفات والتصدي لهذه الظواهر المنكرة، وأن الدور الأساسي يقع على وزارة التربية بكل مؤسساتها وإداراتها والأسرة التعليمية لتعدل سياستها في مواجهة آفة الغش في كل المراحل الدراسية بما فيها الجامعات والمعاهد والسعي إلى ترسيخ قيم الأمانة والنزاهة والاجتهاد الحقيقي، فهذا ما يبقى للإنسان وينفعه في حياته وبعد وفاته، وهذا ما تبنى به الدول والأوطان وليكن شعار المجتمع والدولة الحديث النبوي الشريف: "مَنْ غَشَّنَا، فَلَيْسَ مِنَّا". رواه مسلم، والله الموفق.