"يوجد فساد الفقراء وفساد الأغنياء. الفقراء يتاجرون بالسلطة السياسية من أجل المال، والأغنياء يتاجرون بالمال من أجل السلطة السياسية"- صموئيل هنتغتون- النظام السياسي في مجتمعات متغيرة- العبارة السابقة تصيب واقعنا في الصميم بالرغم من أن صاحبها كتبها قبل نصف قرن (1968 )، وضرب الكاتب مثلاً بالبرازيل التي تخصص المناصب العامة الكبيرة كمنصب سفير أو غيره لمكافأة الأصدقاء أو لتهدئة المنتقدين، وإقامة الحكومات لمشروعات تعود بالمصلحة على المجموعات (الاجتماعية) المؤيدة لنظام الحكم.إذا كان ذلك واقع البرازيل قبل خمسين عاماً، وهي اليوم من دول الاقتصادات الصاعدة، ومثلها- ذلك الزمن- معظم دول أميركا اللاتينية وفي إفريقيا والشرق الأوسط، فماذا عن دول الاقتصادات الخامدة الريعية مثل الكويت؟! لم يكن مثل "إن حبتك عيني ما ضامك الدهر" قد ولد من العدم، نحن نراه، نسمع به، نلمسه باليد، نعلم يقيناً عن فلان أو علان الذي انتقل فجأة من خانة الحالة المتوسطة إلى خانة أصحاب الملايين بين يوم وليلة، أو أصبح وزيراً أو مسؤولاً كبيراً لأنه كان يضرب الطار بالمقلوب لأهل السلطة.
ناخبون أصواتهم، بتسعيرة معينة حسب الدائرة، عند المرشحين ملوك الرشا وأحباب السلطة، وإذا لم تكن (التسعيرة) ثمناً نقدياً، فهناك خدمة يُفترَض أن يقدمها المرشح عند فوزه، كأن ينتدب عدداً من الجماعة مثل العسكريين في مكتبه بالمجلس يصل عددهم إلى عشرين أو ثلاثين موظفاً في مكتب السكرتارية الخاص به، من يحسب نفسه ذلك النائب الغارق في قضايا وطنه والعالم؟! هل هو السيناتور مايك بنس في مجلس الشيوخ الأميركي أو ونستون تشرشل في مجلس العموم سابقاً؟هؤلاء الفئة من الناخبين الذين أوصلوا المتردية والنطيحة لمجلس الأمة ليسوا بالضرورة فقراء، وإنما هم من الطبقة الوسطى (برجوازية صغيرة إن صح التعبير). هم يقفون حجر عثرة لأي مشروع تنموي أو اجتماعي يكون لمصلحة البلد ومستقبله، كيف تم تخريب قيم هؤلاء البشر وإحالتهم إلى سلعة تباع وتشترى؟... اسألوا أصحاب السلطة فعندهم الإجابة بدولة الريع المدمرة.للحديث همومه وشجونه في بلد الوعي الغائب والثقافة الخاوية والمولات الكبيرة والمطاعم المتنقلة ووزراء حسب الطلب. كفاية علينا هذا الحال يا شيوخ البلد، هي عوجاء أينما ضربتها.
أخر كلام
فساد الفقراء!
13-01-2022