ملائكة الزحمة
تلقيت رسالة تفيد بتحديد موعدي للتطعيم بالجرعة التنشيطية يوم الأحد 9 يناير في مركز عبد الرحمن الزيد الصحي- غرب مشرف، بين السابعة والثامنة مساءً، تواجدت على أثرها في تمام السابعة رغبة مني في تلافي الزحام، وعند دخولي تم تسليمي ورقة تحمل رقم 1353 وتم توجيهي للصعود إلى الدور الأول لأنتظر موعدي، وعند صعودي مع الآخرين شاهدنا عشرات المراجعين الجالسين على المقاعد المتباعدة وبيد كل منهم ورقة مماثلة تحمل الرقم الإلكتروني المتسلسل المفترض به تنظيم عملية التطعيم.أول ما لفت انتباهي هو عدم وجود شاشات رقمية تنظم دخول المراجعين مع غياب تام للمسؤولين للإجابة عن استفسارات المراجعين، وكان المسؤول الوحيد الموجود هو عامل النظافة الذي تلقى سيلاً من الأسئلة بلا قدرة على الإجابة عن أي منها، إلى أن جاء موظف كويتي بلباس الدفاع المدني وبدأ بمناداة عشرات الأرقام رقماً رقماً، طالباً من أصحابها التوجه ثانية إلى الدور الأرضي، وبعد فترة جاء نفس الموظف ثانيةً، ولكن هذه المرة بطلب مختلف، إذ طلب من جميع الراغبين بالتطعيم تسليمه بطاقاتهم المدنية ولكن من غير الأرقام التي تم تسليمها لنا في البدء، ليتحول الموضوع إلى "من سبق لبق"، وتم توجيهنا بعدها إلى الدور الأرضي الذي شهد مناداة كل مراجع بالاسم، وعند مناداة اسمي سألت الممرض مباشرة عن سبب تجاهلهم للأرقام التي تم تسليمها لنا في البدء والمفترض بها التنظيم، فوجئت بصراحته إذ قال لي بأنه يقف شخصياً وراء ذلك، فسألته عن السبب ليجيبني بأن نظام الأرقام لا يسمح له بمعرفة جنس المراجع إن كان ذكراً أم أنثى، مع عدم رغبته في تطعيم النساء!
يثير هذا الموقف على بساطته الكثير من التساؤلات، خصوصاً بعد مرور أكثر من سنة على بدء عمليات التطعيم، مَن المسؤول عن الإجراءات التنظيمية وعن تطبيقها وكفاءة الالتزام بها؟ وكيف يتسنى لعامل (مع احترامي لشخصه الكريم) في هذا المجال الطبي فائق الإنسانية أن يختار من يرغب في علاجهم وفقاً لقناعاته الشخصية معطلاً بذلك آليات العمل الرسمية؟! وما هو الحد الفاصل لتلك القناعات التي قد تأخذ أشكالاً أكثر تطرفاً؟ وتمتد تلك التساؤلات لتشمل العاملين في قطاعات رسمية أخرى شديدة الأهمية والحساسية يحتفظ بعض عامليها بأفكار ومبادئ تتعارض مع عملهم، وعلى رأسها السلك التدريسي الذي يضم أكثر من 92.000 مدرس، نجزم أن للكثير منهم قناعاته الشخصية الخاصة المتصادمة مع متطلبات عملهم؟