بعد الجلسة الأولى للبرلمان العراقي، التي عمقت الخلافات بين القوى الشيعية، عاد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للمرة الثانية في أقل من أسبوع إلى محافظة النجف، التي تحولت إلى عاصمة القرار السياسي، في محاولة للتوسط بين التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر و«الإطار التنسيقي»، الذي يضم غالبية القوى الشيعية الأخرى.

وغداة لقائه رئيس تحالف الفتح، هادي العامري، الذي يعد أقوى طرف داخل «الإطار التنسيقي»، الى جانب رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، وصل الكاظمي إلى النجف الأشرف، بعد أيام من لقائه زعيم التيار الصدري في منزله بالمدينة التي تعد مركز المرجعية الشيعية العليا في العراق. وترأس الكاظمي اجتماعاً في مبنى محافظة النجف ضم عدداً من الوزراء ومحافظ البنك المركزي وقادة ومديري الدوائر الخدمية والأمنية بالمحافظة، واستكمل جولته على المشاريع الخدمية.

Ad

وتقول مصادر عراقية إن الصدر، الفائز الأكبر في انتخابات اكتوبر، يعتبر بقاء الكاظمي في منصبه أحد الحلول المطروحة للخروج من الأزمة، مع تغيير في أسلوب الحكم يأخذ في عين الاعتبار «حراك تشرين» ونتائج الانتخابات، خصوصا الخسارة الكبيرة التي تكبّدها حلفاء طهران.

ويسعى الكاظمي خصوصا الى إقناع العامري بالانضمام الى الكتلة الأكبر التي ستضم الصدر والسنّة والأكراد، وستهمّش المالكي الذي لا يزال الصدر يرفض مصالحته والفصائل المسلحة المرتبطة بإيران.

شركاء الصدر

وفي ظل إصرار خصومه في إطار القوى الشيعية على الاعتراض على مخرجات جلسة البرلمان الأولى، التي حضرتها كتلته بالأكفان، ووصل إليها نواب حراك 2019 مستقلين التكاتك، وجّه الصدر أمس الأول تحذيراً شديداً لأي قوى تستهدف شركائه السياسيين أو تعرّض السّلم الأهلي للخطر.

وفي إشارة مباشرة إلى تهديد الفصائل الموالية لإيران، وفي مقدمتها كتائب «حزب الله»، التي حذّر مسؤول مكتبها أبو علي العسكري القوى السنيّة والكردية من التدخل لمصلحة جهة معيّنة لتحديد المكوّن الأكبر، ولوّح لاحقاً بأيام عصيبة ستمرّ على العراق، كتب الصدر، في تغريدة: «لن نسمح لأحد أن يهدد شركاءنا أو يهدد السلم الأهلي، ولا عودة إلى الاقتتال الطائفي أو للعنف، والقانون سيكون هو الحاكم».

وقال الصدر، بعد مرور 3 أيام على خسارته القيادي البارز في تياره مسلم عيدان الكعبي في محافظة ميسان، عشية عقد أولى جلسات البرلمان يوم الأحد، في عملية اغتيال اتهمت بها «عصائب الحق» بقيادة قيس الخزعلي، «نحن ماضون بتشكيل حكومة أغلبية وطنية لا مجال فيها للمخالفة أياً كانت ومن كان، وبابنا مفتوح لبعض من الذين ما زلنا نحسن الظن بهم».

حكومة الإطار

وفي حين اعتبر الصدر الأحد الماضي أن انتخاب رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ونائبه الأول حاكم الزاملي والثاني شاخوان عبدالله بأنها أولى بشائر حكومة الأغلبية الوطنية، تمسّك «الإطار التنسيقي» بأحقيته في «الكتلة الأكبر»، معتبراً أن تقديم ورقته لكبير السن في جلسة «الأكفان» قانوني، ولجأ إلى المحكمة الاتحادية لحسم ما جرى.

وفي ظل تلويحه بمقاطعة العملية السياسية أو اللجوء إلى المعارضة، أعلن «الإطار التنسيقي»، في بيان أمس، أنه «بحث مجريات الجلسة الأولى والخروقات القانونية والدستورية الصريحة فيها، وما نتج عنها من مخرجات لم تستند إلى تلك الأسس الدستورية والقانونية»، مشدداً على أنه «سيمضي بالاعتراض لدى المحكمة الاتحادية لمعالجة هذا الخلل الكبير».

وأعرب الإطار، بعد اجتماع لقادته في مكتب رئيس المجلس الأعلى الإسلامي، همام حمودي، امتد إلى فجر أمس، عن اعتقاده بأنّ «مسارات إنجاز الاستحقاقات الدستورية ليست صحيحة وتنطوي على مغذيات أزمة سياسية ومجتمعية قد تمنع نجاح أي جهد حكومي أو برلماني في تحقيق مطالب وتطلعات الشعب المهمة، وتخفيف معاناته وتحسين واقعه الخدمي والاقتصادي».

ورأى الإطار أنّ «وحدة المعايير سواء كانت تطبيقاً للدستور أو موقفاً سياسياً هي الكفيلة بتأسيس واقع سياسي متوازنٍ ومستقر يقوي أواصر الثقة بين الشركاء السياسيين، ويوحّد الجهود في إنجاز الأهداف الوطنية المشتركة، ويدفع التهديدات والمخاطر المحدقة بالعراق».

وشدد «الإطار التنسيقي» على أنّ «الحوار الصريح المباشر الملتزم بالأهداف الجامعة والمشتركات الوطنية، هو الخيار الأسهل والأسرع في تجاوز الأزمات، وصياغة الحلول الطويلة الأمد في البلاد».

وفي وقت أفاد موقع «الميادين» بأنّ قادة الإطار درسوا خلال الاجتماع خيار مقاطعة العملية السياسية، أو اللجوء إلى المعارضة، رهن النائب الثاني لرئيس البرلمان تحديد موعد الجلسة الثانية بالتوافق الكردي على منصب رئيس الجمهورية، مهدداً بتكرار سيناريو الجلسة الأولى لتمرير الحكومة، في حال عدم حصول توافق بين القوى السياسية على تمريرها.