رغم انحسار آمال إحياء الاتفاق النووي بنسخته الأصلية المبرمة عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى واتجاه المباحثات الدائرة حالياً بين أطرافه في فيينا إلى دراسة تفاهم مؤقت يمتد عامين بهدف «بناء الثقة»، بحث سفراء دول مجلس التعاون الخليجي في العاصمة النمساوية، مع المبعوث الأميركي لإيران روبرت مالي، الشواغل الأمنية من تدخلات طهران في المنطقة، ومن برنامجها الذرّي.واستضاف السفير السعودي في فيينا، الأمير عبدالله خالد سلطان، ليل الأربعاء ـ الخميس، سفراء دول مجلس التعاون والممثلين الدائمين لدى المنظمات الدولية في العاصمة النمساوية، في اجتماع استعرض خلاله المبعوث الأميركي لإيران، آخر المستجدات في المحادثات النووية التي تشارك بها واشنطن بشكل غير مباشر.
وجدد ممثل المملكة العربية السعودية في المنظمات الدولية الإشارة إلى مخاوف دول «مجلس التعاون» من البرنامج النووي الإيراني. وقال سلطان عبر «تويتر» إن السفراء «لفتوا الانتباه إلى قلقهم من محاولات إيران المستمرة لزعزعة أمن المنطقة، من خلال دعمها الميليشيات الإرهابية».وجاء اللقاء الجماعي بعد نحو أسبوع من لقاءات منفصلة عقدها السفير السعودي مع المعبوث الأميركي وممثل روسيا بالمفاوضات النووية ميخائيل أوليانوف للاطلاع على مستجدات جهود إحياء الاتفاق النووي المقيد لطموح طهران الذري مقابل رفع العقوبات الأميركية المفروضة عليها.إلى ذلك بحث رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت التطورات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين .
أيام ورسائل
وفي حين أكد متحدث باسم «الخارجية» الأميركية، في تصريحات أمس، أنه لم يتبق سوى أسابيع قليلة على انتهاء المحادثات النووية مع إيران، ذكر موقع «نور نيوز» المقرب من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أن طهران تتبادل الرسائل غير الرسمية مع واشنطن يوميا من خلال المنسق الأوروبي للمفاوضات النووية انريكي مورا.وقال الموقع إن «الاجتماعات على مستوى رؤساء الوفود كانت مستمرة على مدار الأسبوع الماضي، حيث عقد يومياً اجتماع واحد على الأقل مع الأطراف الأوروبية، وتمت مناقشة تفاصيل القضايا المتبقية في إطار المسودة الجديدة».وأشار إلى أنه «منذ بداية عملية التفاوض الجديدة، شارك الوفد الإيراني بشكل مكثف بعدة اجتماعات على مختلف المستويات، وحاول تسريع عملية التفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق جيد من خلال تقديم حلول مبتكرة وآليات تنفيذية حول جميع القضايا العالقة».جاء ذلك بعد أن رفضت الجمهورية الإسلامية وضع سقف زمني للمباحثات الدائرة في فيينا من أجل إحياء الاتفاق النووي، رغم احتفاظها بوتيرة تخصيب عالية ومتسارعة لليورانيوم في محاولة للضغط على القوى الغربية من أجل تحقيق أكبر مكاسب. وبدلا من إعلان فشل المفاوضات بشكل كلّي طرحت إدارة بايدن فكرة التوصل إلى تفاهم مؤقت يمتد لعامين لاحتواء أنشطة الجمهورية الإسلامية الذرية. وفي وقت سابق، علمت «الجريدة» من مصدر مطلع أن الطرح الجديد يعيد برنامج إيران الذري إلى ما قبل انسحاب ترامب من الاتفاق النووي عام 2018، مقابل رفع تدريجي للعقوبات وخطوات لإظهار حسن النية من قبل واشنطن.دعوة ولوم
في غضون ذلك، دعا أكثر من 100 عضو جمهوري في «الكونغرس» إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إيقاف المحادثات النووية مع إيران، والتركيز على فرض عقوبات صارمة ضدها.وأرسل النواب رسالة إلى وزارة الخارجية طالبوا فيها بفرض عقوبات على إيران، خاصة فيما يتعلق ببيع نفطها للصين، بدلا من مواصلة «محادثات فيينا غير المثمرة».وأشارت الرسالة، التي صاغها أعضاء بارزون في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، بمن فيهم مايكل ماكول، إلى أن أي تأخير في هذه العملية سيسمح فقط لطهران بتوسيع «أنشطتها التخريبية في المنطقة وأهدافها النووية».في موازاة ذلك، نقل موقع «أكسيوس» عن مصدرين مطلعين قولهما، مع اقتراب اللحظات الحاسمة من المحادثات النووية الإيرانية، ينوي البيت الأبيض تركيز معظم رسائله العامة في الأسابيع المقبلة على مهاجمة الرئيس السابق دونالد ترامب لانسحابه من اتفاق 2015.وأمس الأول، قالت متحدثة باسم البيت الأبيض، رداً على سؤال بشأن محادثات فيينا: «ما نريد تذكير الناس به هو سبب وقوفنا هنا الآن. لو لم ينسحب الرئيس الأميركي السابق من الاتفاق النووي بتهور، لما حدث أي من القضايا المتعلقة بإيران، مثل تقدّم البرنامج النووي».على صعيد آخر، كشفت القيادة السيبرانية الأميركية عن «أدوات قرصنة» متعددة تستخدمها وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية ضد شبكات الكمبيوتر في جميع أنحاء العالم.ونقلت شبكة «سي إن إن» عن متحدث باسم القيادة قوله: «إنها المرة الأولى التي تربط فيها الحكومة الأميركية صراحة بين المخابرات الإيرانية ومجموعة تجسس غزيرة الإنتاج تُعرف باسم، المياه القاحلة، والتي حاولت في السنوات الأخيرة سرقة البيانات من شركات الاتصالات وغيرها من المنظمات في جميع أنحاء الشرق الأوسط». ونشرت القيادة الأميركية نماذج من «الشفرات الخبيثة»، التي يُزعم أن المتسللين الإيرانيين استخدموها، لمساعدة المنظمات في الولايات المتحدة وأماكن أخرى في الدفاع عن نفسها من محاولات التسلل المستقبلية.ويعد برنامج «المياه القاحلة» مكوناً رئيسياً لجهاز التجسس الإلكتروني الإيراني، وفقاً للمحللين، إذ قام المتسللون بجهود استمرت عدة أشهر لاختراق شبكات حكومية في تركيا والأردن والعراق، بدأت عام 2019 واستمرت بعد قيام الجيش الأميركي بقتل قاسم سليماني مطلع يناير 2020.من جهة أخرى، بدأ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، أمس، زيارة رسمية إلى الصين لمناقشة عدة ملفات سياسية واقتصادية وثقافية في ضوء توقيع اتفاق الشراكة الممتد لربع قرن بين طهران وبكين التي مثّلت شريان الحياة لإيران بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي.في هذه الأثناء، تجددت احتجاجات معلّمي إيران بسبب تدهور أوضاعهم المعيشية. وتظاهر آلاف المعلمين في عدة مدن، للمطالبة بتحسين أوضاعهم والإفراج عن زملائهم النقابيين المسجونين.