تعرّضت اثنتان من أكبر القواعد العسكرية للقوات الأميركية لهجمات بالطائرات المسيرة والقصف بالصواريخ، بعد ساعات من سلسلة هجمات استهدفت أولاً المنطقة الخضراء المحصنة ومجمع السفارة الأميركية داخلها، وثانياً مقرات أحزاب وكتل برلمانية في العاصمة بغداد أبرزها مقرات للحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني وحزب رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.وفي أحدث الهجمات المجهولة، أحبط الجيش العراقي أمس هجوم 3 طائرات مسيرة استهدفت قاعدة بلد الجوية، التي تعد المركز الرئيسي لطائرات F16 وتستضيف فنيين وجنوداً أميركيين وآخرين من التحالف الدولي.
وأوضح آمر قاعدة بلد الجوية اللواء الركن ضياء محسن، أن 3 طائرات مسيرة اقتربت فجر أمس، من المحيط الجنوبي للقاعدة الموجودة في محافظة صلاح الدين، وتمت مشاهدتها بالعين المجردة من القوة المكلفة حماية الأبراج الخارجية، والتأكد من أنها طائرات معادية، وفتحت النار باتجاهها ولاذت بالفرار.وأشار إلى أنه تم «اتخاذ إجراءات أكثر شدة لتأمين محيط القاعدة باستخدام طائرات مسلحة ومسيرة، لمعالجة أي هدف معادٍ، كذلك استخدام أسلحة الدفاع الجوي الموجودة في القاعدة».وفي تطور آخر، تعرّض معسكر زليكان، الذي يضمّ قوات تركية في قضاء بعشيقة بمحافظة نينوى، لقصف بثلاثة صواريخ غراد عيار 122 ملم سقطت بالقرب منه دون خسائر بشرية، بحسب مصادر أمنية أشارت إلى أن المناطق المحيطة بالقاعدة شهدت انتشاراً أمنياً مكثفاً، تحسباً لتعرضه لهجمات جديدة.وأوضحت المصادر، أن الهجوم تم من قرية برازي خلف جبل مقلوب الواقع بالموصل مركز نينوى، وأن قوة أمنية ضبطت صاروخين آخرين لم ينطلقا من المنطقة الواقعة أمنياً ضمن إقليم كردستان.وأمس الأول، أصيبت امرأة وطفلان الخميس بجروح إثر سقوط صاروخ على مدرسة تقع في المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد، فيما سقط صاروخان في مجمع السفارة الأميركية الواقعة في المنطقة نفسها كما انفجرت قنابل أمام مقرات حزبية.وبينما تبرأت الفصائل الموالية لطهران من المسؤولية، اتهم الصدر «أطرافاً يدّعون المقاومة بضرب المدنيين»، معتبراً أنّهم باستهداف «السفارة الأميركية يؤخرون انسحاب قواتها وإبقاؤها بذريعة استخدام السلاح».
تهميش الفصائل
ويقول سياسيون ومسؤولون حكوميون ومحللون، إن العراق يمكن أن يصبح له، للمرة الأولى منذ سنوات، حكومة تستبعد الأحزاب المدعومة من إيران إذا وفى الصدر بوعده.وزادوا أن خطوات الصدر لتهميش منافسيه المدعومين من إيران منذ وقت طويل تنطوي على المخاطرة بإثارة حفيظة أقوى الفصائل العسكرية وبعض أكثر الأطراف عداء للولايات المتحدة.وظهرت أقوى إشارة إلى قوة الصدر واستعداده لتجاهل حلفاء لإيران في إعادته ومعه السنة والأكراد انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه بأغلبية مريحة، قبل أسابيع من انتخاب الرئيس، الذي سيكلف بدوره أكبر كتلة بتشكيل حكومة، وهي عملية سيهيمن عليها التيار الصدري.وقال الخبير القانوني أحمد يونس: «الصدريون ماضون نحو تشكيل حكومة أغلبية والأطراف الرافضة ترى أن مشروعهم يهدد بقاء الشيعة مستقبلاً كأغلبية سياسية، وسيفعلون كل ما بوسعهم لتجنب فقد سيطرتهم السياسية».لحظة مخيفة
وأظهرت الأحداث مدى خطورة احتدام الانقسام بين الصدر ومعارضيه. وفي نوفمبر، تحولت احتجاجات الأحزاب الرافضة لنتائج الانتخابات إلى العنف. وتعرض مقر إقامة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي يعتبر على نطاق واسع حليفاً مقرباً للصدر لهجوم بطائرات مسيرة.وتوقع مسؤول بالحكومة أن يستخدم أعضاء المعسكر الإيراني التهديد بالعنف للحصول على مكان في الحكومة، لكنهم لن يصعدوا العنف إلى صراع شامل مع الصدر.مع ذلك يقول مراقبون، إن إصرار الصدر على تهميش حلفاء إيران يمكن أن يكون مقامرة خطيرة. وقال توبي دودج من كلية لندن للاقتصاد: «السؤال هو هل يدرك الصدر المدى الذي يصل إليه ذلك في زعزعة الاستقرار؟ وهل هو مستعد للحملة العنيفة المضادة؟»، مضيفاً: «الفصائل المسلحة توجه تهديدات صريحة بالعنف بشكل متزايد، ويقول الصدر إنهم لا يمكنهم فعل ذلك. إنها لحظة مخيفة».«الإطار والتيار»
سياسياً، كشف «الإطار التنسيقي»، وهو تجمع يضم أغلبية الأحزاب الشيعية باستثناء الصدر عن اجتماعات جديدة ستعقد بين «الإطار» و»التيار الصدري» للتباحث حول آلية تشكيل الحكومة. وقال عضو «الإطار» علي الفتلاوي، إن الخلافات المتبقية بين الطرفين ليست كبيرة.الرئاسة
إلى ذلك، نفى الحزب الديموقراطي الكردستاني، أمس، تنازله عن ترشيح وزير الخارجية العراقي السابق هوشيار زيباري الى منصب رئاسة الجمهورية بدل برهم صالح، مرضح حزب الاتحاد الكردستاني، لكن القيادي في الحزب الديموقراطي مهدي عبدالكريم كشف عن «وجود حوارات ولقاءات بين زعيم الحزب مسعود البارزاني وشخصيات من الاتحاد الوطني لحسم أزمة الرئاسة».المالكي
في سياق آخر جدد حزب «الدعوة الإسلامية»، الذي احتكر السلطة منذ سقوط نظام صدام في 2003 قبل تراجع تأثيره ابتداءً من 2018 لرئيس الحكومة السابق نوري المالكي في رئاسته وذلك بعد حصول الحزب على 34 مقعداً في البرلمان في انتخابات أكتوبر الماضي.