في الجلسة أحسن الشلاحي والمناور... وخلط بعض النواب في مفهوم الحرية
![أحمد يعقوب باقر](https://www.aljarida.com/uploads/authors/125_1701277800.jpg)
لقد تم وضع مواد القانونين في المجالس السابقة لكي يتمكن من وقع عليه الاعتداء من مقاضاة من أساء إليه في وسائل الإعلام فوضعت جملة (دون الإخلال بعقوبة أشد وردت في قانون آخر)، فإذا كانت الإساءة لفظية بسيطة اكتفى القاضي بالغرامة حسب قانون المطبوعات، أما إذا كانت الإساءة جريمة أكبر كالقذف أو جرائم أخرى شنيعة خاصة إذا تكررت من الشخص نفسه فإن للقاضي حق تطبيق قانون الجزاء، وكل ذلك من أجل الحفاظ على صحة المجتمع وسلامة التخاطب، فإذا باللجنة تزيل هذه الجملة المهمة وتمنع القاضي من تطبيق قانون الجزاء وتخل بالتناسق التشريعي والوحدة القانونية، والمضحك المبكي في تعديل اللجنة أن أصبح من يقذف غيره في ديوانية أو مطعم أو شارع لا يسمعه إلا قلة من الناس يطبق عليه قانون الجزاء، أما من يقذفه في وسائل التواصل الحديثة بحيث يطّلع على هذا القذف مئات الألوف من الناس لا يطبق عليه إلا قانون المطبوعات والمرئي والمسموع، فعجباً!لقد عاقب عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، الشاعر الحطيئة بالحبس عندما أساء إلى أشخاص بهجاء واضح ومعلن، ومن المعلوم أن القضاء لا يحكم بالإدانة إلا إذا كانت الإساءة واضحة ولا يمكن تبريرها، فغالبية القضايا تنتهي بالبراءة وأشهرها براءة د. حسن جوهر في القضية التي رفعها عليه وزير الصحة السابق د. باسل الصباح رغم قوة النقد الذي ذكره د. حسن في مقابلته التلفزيونية، فلا سجن ولا غرامة. ألا يعلم النواب أن الحريات يجب أن تكون مقيدة بأحكام الشريعة؟ ألا يعلم النواب أن الحريات مقيدة بحقوق الآخرين والمصلحة العامة وتقف عند حدود القانون في كل بلاد العالم حسب قيمها ومصلحتها، والتي أوردت أمثلة عليها في المقالات السابقة من فرنسا وبعض الدول الغربية؟لذلك من المستغرب مدى تأثر بعض النواب بوسائل التواصل التي تخلو في أحيان كثيرة من العلم الشرعي والقانوني، وقد أحسن الدكتور صالح الشلاحي عندما اقترح في الجلسة بأخذ رأي هيئة الفتوى الشرعية، وطالب بأن تشدد العقوبة حسب الشريعة على إحدى الفئات التي تسيء بشكل واضح، واقتراحه هذا موافق للدستور تماماً الذي حمّل مجلس الأمة أمانة الأخذ من الشريعة الإسلامية، لكن المجلس لم يستمع له للأسف.لقد كان على النواب الوقوف مع من تتم الإساءة إليهم من المواطنين وتعديل القانون لمنع المسيئين من التهرب من العقوبة بالحجج المعتادة التي يتحججون بها في المحاكم (مثل حسن النية وابتغاء المصلحة العامة) لأن العبرة هي بالإساءة التي تمت لا بنية المسيء التي لا يعلم حقيقتها إلا الله، وكان على الإسلاميين قبل غيرهم العبرة بالسؤال الذي قدمه معاذ إلى النبي فقال: "وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال صلى الله عليه وسلم، وهل يُكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم"، فهل سيحتج المسيء عندها بالحرية؟