لبنان: أسباب داخلية وخارجية وراء عودة الثنائي الشيعي للحكومة
من دون مؤشرات سابقة أعلن «الثنائي الشيعي» المتمثل بحزب الله وحركة أمل الاستعداد للعودة إلى جلسات مجلس الوزراء اللبناني، في خطوة مفاجئة أحدثت دوياً إيجابياً قابلته قوى سياسية بالترحيب، والسوق بانخفاض سريع لسعر صرف الدولار. علّل الثنائي الشيعي عودته إلى المشاركة في جلسات الحكومة بضرورة إقرار الموازنة المالية وإقرار خطة التعافي المالي والإقتصادي. ووفق ما تقول مصادر قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري، فإن العودة للحكومة حتمتها الظروف المعيشية والاقتصادية، وأمام الحكومة استحقاقات أساسية تتعلق بالموازنة، والتفاوض مع صندوق النقد، وتخفيف حدة الأزمة المعيشية والتحضير للانتخابات. لذلك لا بد من العودة إلى جلسات مجلس الوزراء خوفاً من انفجار الشارع. في المقابل، حزب الله هو صاحب القرار الأساسي في هذا المجال، ولا بد من إلقاء نظرة سريعة على التطورات الخارجية التي لا يمكن فصلها عن الملف اللبناني. فهناك تقدم تحقق في «فيينا» خصوصاً أن إيران تريد رفع العقوبات بأقرب وقت لتتمكن من الاستفادة المالية، وبالتالي وجدت طهران نفسها في حالة تسمح لها بتقديم تنازل في لبنان إلى جانب المكاسب التي تحققها السعودية في اليمن. هذا التراجع الإيراني يتزامن مع نقطتين أساسيتين، ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، مع انتظار عودة المبعوث الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين الشهر المقبل لإنجاز إتفاق الترسيم. والنقطة الثانية الموافقة الأميركية المشروطة لإستجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان مقابل إعفاء الدول الداخلة ضمن هذه الاتفاقية من عقوبات قانون قيصر. هذه الشروط يفترض أن يتم تلبيتها في حال أريد للإتفاق أن ينجز.
لذلك فإن السياق الإقليمي والدولي فتح مساراً جديداً سيكون له انعكاس على الساحة اللبنانية، وهو مسار لا بد من انتظار خواتيمه، بحال تم الاتفاق في الخارج سيتم الاتفاق في الداخل. لكن أيضاً لا يمكن فصل الحسابات الداخلية بالنسبة إلى حزب الله التي حتّمت العودة إلى مجلس الوزراء، أبرزها حاجة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى إعادة تفعيل عمل الحكومة، وهو أصرّ في أكثر من مناسبة على ضرورة الكف عن عرقلة عمل مجلس الوزراء، وتكشف المعلومات أن عون تواصل أخيراً مع حزب الله وطلب منه العودة إلى تفعيل جلسات الحكومة. وجد حزب الله أن العلاقة بينه وبين حليفه الاستراتيجي رئيس الجمهورية تمر في مرحلة خطيرة، وقد أصبحت مهددة لذلك هو أراد إعطائه هذه الورقة في إطار لملمة العلاقة بينهما والسعي إلى ترتيبها للمرحلة المقبلة، وخصوصاً أن الفترة الحالية هي تحضيرية لخوض الانتخابات النيابية.لا يجب نسيان أن الملف الأساسي الذي عرقل الحكومة هو ملف التحقيق في تفجير مرفأ بيروت، وهنا يمكن الاعتبار أن هذا الملف كان حجة وذريعة لتعطيل عمل الحكومة، بانتظار التطورات الإقليمية، لكن أيضاً لا يمكن إغفال أن هذه التحقيقات تشكل تحدياً أساسياً وجوهرياً بالنسبة إلى الحزب الذي يعتبر نفسه مستهدفاً في عملية التحقيق، وتقول مصادر متابعة، إن حزب الله سيبقى مصراً على تشكيل لجنة تحقيق برلمانية للتحقيق مع الرؤساء والوزراء والنواب، وسحب هذا الملف من يد القاضي طارق البيطار، فبحال لم يتم التوصل إلى حلّ عبر الحكومة، فإن تحقيقات البيطار ستبقى مجمدة في هذه المرحلة لأسباب قضائية لأن القاضي المكلف بالنظر بدعوى الرد المقدمة من قبل الوزير يوسف فنيانوس أحيل إلى التقاعد، ولم يتم تعيين قاض بدلاً منه، وبالتالي فإن التحقيق دخل مرحلة التجميد بانتظار الاتفاق على تعيين قاض بديل.