ليس بيدنا شيء
لو أن الحكومة التي تنقل همومها الاقتصادية ـ بفرض أن لها هموماً تعكر صفو تفكيرها- عبر مانشيتات الجرائد اليومية عن الوضع المالي للدولة تغلق الباب على نفسها وتحاكي بوسوسة الضياع وغياب الرؤية والإرادة نفسها سيكون أبرك لها ولمستقبل الأجيال المفلسة. ماذا يعني أن تقول عبر أخبار الصحف أمس إن الكويت تعاني أكبر عجز عالمياً، ووكالة ستاندرد آند بورز تحذر من أن سيولة الاحتياطي العام أوشكت على النفاد؟! لمن يُوجَّه هذا الخطاب التحذيري؟ هل هو للأكثرية من الشعب التي تنتظر الرواتب كل شهر كي تسدد أقساط الاستهلاك، وكل يوم والآخر تتلقى إبر تخدير منتهية الصلاحية بعلامة طمأنة تقول لا مساس بجيب المواطن، أم أن الخطاب هو للنفس ولأصحاب السلطة وحدهم؟إذا كان هذا الكلام موجهاً للمواطن المستهلك والمبتلى بوعيه كما يمثله نواب الأمة وبهذه الحكومة الضائعة المترددة، فماذا عساه أن يفعل مع هذه الأخبار إن كان يقرؤها فعلاً ويتفاعل معها قلقاً، ومن ثم يترجم رفضه بحزم لسلوك هذه السلطة الرخوة، أم أن الخطاب هو من السلطة للسلطة، من النفس للنفس! إذن ماذا نصنع به، "بلّيه يا حكومة واشربي مايه"، فهذه السلطة تدري أين الخطأ بالجهل أو الأخطاء المتعمدة التي سلكتها عقوداً طويلة في إدارة الدولة، فماذا يجدي هذا الكلام، طالما ظل كلاماً خاوياً وهمّاً مسوقاً؟!
سلطة "البخاصة" تدرك أن القضية ليست فقط "جيب المواطن" الذي لا يمكن المساس به كما تردد، بل هي جيوب الكبار المتنفذين التي لا يمكن حتى الحديث عنها ولو همساً. لا توجد حلول، لا عند هذه السلطة، ولا أي حكومة تشكلها السلطة المتفردة بالقرار والإقرار في الوقت ذاته، ففاقد الشيء لا يعطيه... والله يكون بعون أولادنا وبناتنا...سيكونون وحدهم، أما أنتم البخصاء الكبار فتعلمون أين ستضعون أقدامكم في الغد!